يعجبني الصقر إنه الطائر الوحيد الذي يكون و(كره) صدر المجلس، أراه يشبهني بعض المرات وأشبهه وقد قيل: «صقر ماكره فوق هامات الشواهق»


وحين نسمع كلمة بطولة، يتبادر إلى الذهن للوهلة الأولى الملعب والكرة، لكن في مهرجان الملك عبدالعزيز للصقور، تأخذ البطولة شكلاً مختلفاً؛ سباق في السماء بدل العشب، وفي ميدان الملواح منافسة في الدقة والسرعة بدل الأهداف، وروح رياضية لا تقل حدةً أو حماساً.


الصقارة، في جوهرها، هواية ورياضة، تدريب والتزام، وقت ومعرفة، وأداء يقاس بالنتيجة، وكل من تابع مسابقة الملواح في هذا المهرجان الدولي يدرك أن ما يجري سباق حقيقي، له قوانينه، وله أبطاله، وتقنيات وأجهزة متقدمة تحسم نتائجه، وله جمهور ينتظر لحظة الحسم والفائز بكؤوس الملك عبدالعزيز في كل فئة، وأسمى الألقاب: سيف الملك، وشلفا الملك.


ما يلفت في المهرجان أنه نجح في تحويل هواية تقليدية إلى منافسة منظمة، تشبه ما نراه في الرياضات الحديثة، توقيت دقيق، وتصنيف فئات وأشواط، وعدالة في المنافسة، وجوائز وألقاب تحفّز الأداء، وهذه ليست تفاصيل شكلية، وإنما هي أساس أي بطولة ناجحة.


ومن الزاوية الرياضية، فإن المهرجان يوسّع مفهوم الهواية نفسه، ليس كل تنافس بحاجة إلى ملاعب، أحياناً، يكفي فضاء وميدان مفتوح، وعيون تتابع صقراً ينطلق، وثوانٍ تحسم سباقاً، واللافت أيضاً أن البطولة لا تُقصي أحداً، هناك فئات للهواة والمحترفين والملاك والنخبة، للكبار والصغار، للرجال والسيدات، للسعوديين والخليجيين والدوليين، لصقور السباقات وكذلك صقور المزاين ذات الجمال، هذا الاتساع هو ما يجعل الحدث قريباً من الناس، ويمنحه طابعاً شاملاً، لا نخبوياً.


ويظهر البُعد الرياضي الحقيقي للمهرجان في مشهد التنافس الشريف بين الصقارين السعوديين ونظرائهم من مختلف دول العالم، الجميع يقف على خط الانطلاق ذاته، تحت القواعد نفسها، وبروح احترام متبادل تسبق السباق وتبقى بعده. ويبقى التنافس الشريف والالتزام بالقيم الرياضية هو ما يجعل الخسارة مقبولة، والفوز مسؤولية، والجميع يحييه ويرحب به ويهنئه كما شاهدنا في المهرجان خلال السنوات السابقة.


المهرجان كأكبر حدث من نوعه في العالم، هو في النهاية يحكي قصة ارتباط بين الإنسان وما يمارس، ومهرجان الملك عبدالعزيز للصقور يقدّم هذه القصة بلغة بسيطة: منافسة عادلة، وشغف يجمع الكل من المملكة وكل أنحاء المعمورة.


قبل انطلاق مهرجان الملك عبدالعزيز للصقور في الـ25 من ديسمبر في مَلهم شمال الرياض، يبدو واضحاً أن الصقارة هي جزء من ذاكرتنا، وباتت أيضاً جزءاً من مشهد رياضي متجدد، يثبت أن البطولة يمكن أن تُكتب بأكثر من شكل، وتُفهم بأكثر من لغة، دون أن تفقد روحها أو معناها.