-A +A
خالد الجارالله
عقود طويلة ونغمة كراهية الهلال تنساب في مسامع الرياضيين جيلاً بعد جيل، يتوارثونها تركةً ثقيلةً جاثمةً على قلوبهم وأنفاسهم، إلى حدٍ تعاظم معها بغضهم لكل ما هو أزرق حتى لم يجدوا فرصةً للتفكير إزاء سبب كراهيتهم هذه، ولم يجدوا وقتاً للبحث عن جواب «لماذا يكرهون الهلال دون سواه»؟ ولماذا تزداد شعبيته وتتمدد رغم ذلك؟

لأن العقول المؤدلجة بكراهية الهلال يصعب عليها استيعاب أي طرح يدحض أساطير «الجني الأزرق»، ويمحو الصور القبيحة عن الهلال من ذاكرتها، سيكون من الحماقة وغير المنطق توجيه أي حديث إليها، كما لن يجدي هذا المقال ولا عشرات المقالات في إقناعها بأي فكرة غير أن الهلال النادي الأكثر كراهية.


يرى الفيلسوف والمحلل النفسي الشهير سيغموند فرويد، أن الكراهية ليست إلا نزعة انتقامية ورغبة تدميرية من مجموعة تجاه ما هو مصدر تعاسة وحزن لها، وهذا برأيي هو التشخيص الأدق لحالة هذه الفئة التي تتباهى بكراهيتها للهلال وتسوقها، فالرابط بين تحليل فرويد وما يزعمه أولئك هو أن الهلال مصدر تعاسة وحزن لغير أنصاره ومحبيه، ما قد يدفع الباحثين عن سر كراهية الهلال للإمساك بطرف الخيط الدال إلى الحقيقة عطفاً على تفوق الزعيم وانتصاراته على أغلب خصومه.

الهلال الذي مورست ضده حملات التشويه والاستفادة من التحكيم والبطولات غير الشرعية، ظل ولا يزال ركيزة تقوم عليها إنجازات الرياضة السعودية برفده المنتخبات الوطنية بأهم نجومه، وظلت ومازالت كراهيته باب رزق للكثيرين ممن حشدوا هالة زائفة ليصبحوا أبطالاً بمجرد التنافس مع الهلال أو التسجيل في شباكه أو تعطيله، بل وحتى شتمه وظلمه والإساءة له.

كراهية الهلال الذي تسيد القارة الآسيوية بـ6 ألقاب كبرى، أحدها منحه حق المشاركة في مونديال الأندية 2001، دفعت خصومه لمعايرته بـ «المحلي» فيما أن جاره الذي لم يسبق له تحقيق دوري الأبطال في تاريخه يصفونه بالعالمي!

كراهية الهلال الذي شارك إسطورته سامي الجابر في 4 مونديالات عالمية وحقق ألقاباً عدة قارية وكماً هائلاً من الأرقام، يصفونه بـ «الورقي» في وقت يتباهي به «الفيفا»، فيما أن مهاجم جاره الذي لم يحقق عشرات البطولات الخليجية وشارك في نصف شوط مونديالي يصفونه بالأسطورة الأوحد.

كراهية الهلال التي جعلت «يد النزهان» عاراً على التحكيم، جعلت «يد دلهوم» و«يد حسين هادي» و«يد باسم اليامي» وغيرها من الأخطاء التي جيرت البطولات لمنافسيه، جزءاً من اللعبة وخطأ تحكيمياً عابراً، وهي التي جعلت «نيشيمورا» رمزاً للعدالة، بينما جعلت مخادمة قاهراً لها.

بل حتى المنتخب لم يسلم من تداعيات كراهيتهم للهلال، فيلوّنون زيّه حسب أهوائهم، إن ربح أبقوه أخضرَ وإن خسر نعتوه بـ «الكحلي».

باختصار يكرهون الهلال؛ لأن شجرته تفرّعت وأثمرت، ولم يجدوا شيئاً غير رميها أو تسلّقها.

أقول للهلاليين «أحبوا هلالكم، ودعوهم يكرهوا كيفما يشاؤون، فهلالكم غنيٌ بكم وبشعبيته التي تمددت من أربيل العراق وخليج العرب، إلى المحيط الأطلسي».