-A +A
عبير الفوزان
من أخطر أنواع الغسيل هو غسيل المخ، الذي لا يقارن ضرره بغسيل الأموال مهما كان مصدرها.

فغسل المخ يبدأ مع الطفولة ولا ينتهي دعكه وفركه حتى مع عجوز في السبعين، فهذه الآلية (الغسيل) مستمرة إلى أن تقوم الساعة.. مع غسالات القنوات الفضائية والمنصات الإعلامية الموجهة ضدنا، والتي تستلهم قوتها من الكذب المغلف برداء الحقيقة، بالضبط مثلما يتم غسل الأموال في غسالات بعض الجمعيات الخيرية والمشاريع الإنسانية يصبح الأمر فوضويا حتى بات يستوجب فرض عقوبات صارمة على من يقومون بغسل المخ مثلما تفرض تلك العقوبات على غسالي الأموال، لأن غسل المخ أودى بحياة أطفال ومراهقين في مختلف بقاع العالم إلى التهلكة في ساحات قتال لا ناقة لهم فيها، ولا جمل.


إن كل ما تشاهده أو تقرأه يقوم بغسل مخك دون أن تدري، لو وضعت ألف متراس عليه.. إنه السحر الذي قال عنه إخواننا المصريون «الزن على الودان أمر من السحر»؛ فمثلا.. الصحويون قد يغسلون مخك.. الديمقراطيون قد يغسلون مخك.. المحافظون قد يغسلون مخك.. الإرهابيون قد يغسلون مخك.. يمر مخك بمراحل كثيرة من الغسيل إلى أن يتلف مثل الثوب البالي الذي مع كثرة الغسل والدعك يصيبه الاهتراء. ومثلما طباخ السم يذوقه، كذلك غسال الأمخاخ يصيبه طشاش الغسيل أيضا، ودون أن يدري أنه يغسل مخه بنفسه!

الحقيقة المرة مهما كانت صعبة البلع إلا أنها أنبل بكثير من غسيل قذر يطالعنا عبر منصات وقنوات معادية.

لذا على المرء -غالبا- أن يتقبل الحقائق القذرة حوله في ضوء الغسالات الطاحنة بالوحل.

* كاتبة سعودية

abeeralfowzan@hotmail.com