-A +A
عبدالله عمر خياط
لو لم يكن للشاعر الكبير أحمد شوقي إلا مدائحه لرسول الله صلى الله عليه وسلم وقوله عن يوم مولده:

يوم يتيه على الزمان صباحه ** ومســــــاؤه بمحمد وضــــاء


لكفاه أن يحوز في الشعر أكبر الألقاب –رحمه الله-.

ففي هذا الشهر تمر ذكرى وفاة أمير الشعراء أحمد شوقي الشاعر الفخم الذي كما قيل عوض الأمة العربية عن ألف عام من الانحطاط الشعري، ولست أوافق على ذلك فقد ظهر شعراء كبار مثل: أبو العلاء المعري، والشريف الرضي، والبهاء زهير، حتى جاء محمود سامي البارودي، وإسماعيل صبري باشا، لكن أحمد شوقي فاق الجميع في قصائده الطويلة وفي قصائده القصيرة على حد سواء، وأيضاً في حكمه وأمثاله.

فلم يجيء أحد بمثل قوله: اختلاف الرأي لا يفسد للود قضية..

وقد أورد ذلك في مسرحيته الشعرية «مجنون ليلى» حيث يقول بطل المسرحية:

ما الذي أغضب مني الظبيات العامرية

ألأني أنا شيعي وليلى أمويـــة؟

اختلاف الرأي لا يفسد للود قضية

أو قوله: قم للمعلم وفِّه التبجيــلا **

كاد المعلم أن يكون رسولا

أو قوله: خدعوها بقولهم: حسناء **

والغواني يغرهن الثنــاء

أو قوله: إن للظالم صدراً **

يشتكي من غير علَّهْ

أو قوله: إنما الأمم الأخلاق ما بقيت ** فإن همو ذهبت أخلاقهم ذهبوا

وعارض شوقي قصيدة «البردة» للبوصيري ومطلعها:

أمن تذكر جيران بذي سَلَمِ ** مزجت دمعاً جرى من مقلة بدم

فقال أحمد شوقي قصيدة نهج البردة في 190 بيتاً مطلعها:

ريم على القاع بين البان والعلم ** أحل سفك دمي في الأشهر الحُرُم

حتى قال:

الله يشهد أني لا أعارضه ** من ذا يعارض صوب العارض العرم

وفي 14 أكتوبر 2018م تمر الذكرى 86 لوفاة أمير الشعراء أحمد شوقي رحمه الله، وكان شعراء العالم العربي قد اجتمعوا في القاهرة عام 1927م ليعلنوا أنه أمير شعراء العرب في عصره في القرن التاسع عشر الهجري والقرن العشرين الميلادي لأنه ولد عام 1868م ومات عام 1932م، وبعد أحمد شوقي جاء شعراء كبار أمثال: عزيز أباظة في مصر، ومحمد سعيد العباسي في السودان، ومحمد الجواهري في العراق، وعمر أبو ريشة في سورية، وحسين عرب في المملكة العربية السعودية، وعبدالله البردوني في اليمن، ومحمد الفايز في الكويت، وبشارة الخوري في لبنان، وإيليا أبو ماضي في أمريكا اللاتينية وغيرهم. بل ظهر أكثر من شاعر فحل في كل قطر عربي، لكن لم يحدث إجماع كالذي حدث مع أحمد شوقي رغم أن اللغة العربية في وقتنا الراهن بحاجة إلى تنصيب أمير للشعراء بعد أن أصيبت في مقتل بأدعياء الشعر، وزد على ذلك الشعر الحر، وشعر التفعيلة والشعر المرسل والشعر المنثور، كأنما أنواع الشعر هذا نكاية بشعر جرير والفرزدق وأبي تمام والبحتري والمتنبي والمعري والبارودي، وحتى أحمد شوقي وحافظ إبراهيم.

وقد توفي حافظ إبراهيم قبل أحمد شوقي فرثاه أمير الشعراء بقصيدة مطلعها:

قد كنت أرجو أن تقول رثائي ** يا منصف الموتى من الأحياء

السطر الأخير:

قال شوقي:

إن رأتني تميل عني كأن

لم تكُ بيني وبينها أشياءُ

نظــــرة فـــابتسـامة فسلامٌ

فكلام فموعدٌ فــلـقــــــاءُ

* كاتب سعودي

aokhayat@yahoo.com