-A +A
حمود أبو طالب
التصحيح والتغيير ليس مهمة سهلة عندما تتراكم الأخطاء عبر وقت طويل وتجد من يحميها ويدافع عنها ويتصدى بشراسة لكل من يحاول ذلك. ما يحدث في المؤسسة التعليمية الآن هو مشروع تصحيح وتغيير جاد لكنه صعب، ولا بد من الاعتراف بصعوبته، وعندما نطالب وزير التعليم الدكتور أحمد العيسى بتحقيق معجزة في وقت قصير تصحح خراب نصف قرن في التعليم فإن ذلك ليس إنصافاً ولا عدلاً، نستطيع أن نعاتبه أو نلومه إذا كان لم يبدأ، لكنه بدأ وحتماً سيصطدم بتلال من العقبات في طريقه يضعها حراس المشروع القديم، ومن يعتقد أن مشروع تخليص المؤسسة التعليمية من العطب الفكري الذي نخرها هو مسؤولية الوزارة وحدها والوزير وحده فإنه مخطئ تماماً، ولا يدرك تعقيدات هذه المهمة وصعوبتها وحساسيتها.

مؤخراً ارتفع الجدل حول مقطع مصور من إحدى مدارس البنات لفتيات صغيرات في ما يشبه المسيرة أو المظاهرة دفاعاً عن الحجاب من منظور ومفهوم الذين نظموها، كان عملاً حركياً لا ينفذه سوى تنظيمين مسيسين ربما يستغرب البعض اختراقهم لمدارس البنات والصفوف الأولية فيها، ومع الحادثة ارتفعت نبرة اللوم على وزارة التعليم، لكن الحقيقة أن مدارس البنات كانت عالماً خفياً مخترقاً بشكل واسع من تنظيمات الإسلام السياسي، لكنه استمر بعيداً عن الأنظار إلى وقت قريب. الوزارة لو قررت وحدها مواجهة سيطرة التنظيمات في مرافقها ستكون معركتها خاسرة بالتأكيد لشراسة وتغول وانتشار كوادر التنظيمات، ولنجاح المواجهة لا بد أن يكون المشروع وطنياً أولاً وليس تعليمياً، وقد بدأ ذلك بقرار سياسي لمواجهة تنظيم الإخوان وبقية التنظيمات التي فرّخها، ولولا ذلك لما تجرأت وزارة التعليم حتى لإعلان المواجهة.


أعرف جيداً عزم وزير التعليم الدكتور أحمد العيسى على خوض معركة تنقية التعليم، لكن على الدولة والمجتمع الوقوف بقوة مع مشروع الوزارة لأنه مشروع وطن، ولأن الطرف الآخر في المواجهة لا يستهان به.

* كاتب سعودي