-A +A
بشرى فيصل السباعي
بعيدا عن الذين ينفخون في «غرور الأنا» الجماعي ويضخمونه بزعم العظمة والطوباوية للماضي التاريخي للتهرب من انكسار الكبرياء بالتخلف الحضاري الفكري العلمي التكنولوجي المعاصر للمسلمين فالحقيقة أن الماضي التاريخي ليس تاريخ عظمة طوباوية، فالحقيقة أن المسلمين كانوا متخلفين فيه كما هم في العصر الحديث، وأوضح دليل هو أن مشايخ المسلمين حرموا كل اختراعات التطور الحضاري، ابتداء من صنابير المياه، التي سميت بالحنفية، لتحريم كل المذاهب لها ولتمديدات أنابيب المياه والصرف الصحي، حتى أمرت السلطة السياسية بإدخالها رغماً عن الإجماع على تحريمها، محتجة بإباحة الحنفية «الأحناف» لها، -لذا سميت حنفية-، وليس انتهاء بتحريم مكائن الطباعة، ويمكن مطالعة الكتب المعنية بجمع الفتاوى من هذا القبيل لتصدم بأنها حرمت كل شيء بما في ذلك الطب الحديث، ولذلك طالبان في باكستان وأفغانستان تقتل العاملين في حملات تطعيم الأطفال، ما أدى لانتشار شلل الأطفال وتدمير مستقبلهم، وكذلك حصل بنيجيريا، كما تحرم جماعة بوكوحرام تعليم الطب الحديث والعلوم وتفجر كليات الطب والعلوم والمدارس وتريد تعليم الكتاتيب فقط، وتسبي الطالبات وتستعبدهن جنسيا؛ لأنها تريد التعليم للذكور فقط، كما تقوم طالبان بقتل المعلمات والطالبات وتفجير مدارسهن لأنها تريد التعليم للذكور فقط، ولدينا أيضا سبق تحريم مدارس البنات، ومما تم تحريمه الدراجات والسيارات، وتم تحريم الخضار الجديدة كالطماطم والمشروبات الجديدة كالقهوة، ولم تدخل إلا بأمر ملزم من السلطة السياسية الواعية، ودائما المرحلة الأولى تكون السماح بها للذكور فقط، حتى أن الحاسب الآلي كان يدرس فقط بمدارس الأولاد ولا يدرس للبنات، وتجاوز تحريم كل المستجدات لم يكن بفتوى جديدة إنما كان بقرار السلطة السياسية، كونها أكثر اطلاعا على العالم الخارجي مما جعلها واعية بحقيقة تلك المستجدات خارج صندوق المنظور التقليدي اللاواعي، وفهم سبب هذا النمط الذي يحرم كل ما هو غير موروث يكمن في فهم القانون الفيزيائي المسمى بـ«القصور الذاتي» أو «العطالة» -أجد أن قوانين الطبيعة تمثل أيضا سننا نفسية واجتماعية لا واعية فخالقها واحد- والعطالة هي ميل الجسم لمقاومة التغيير بحالته ما لم تؤثر عليه قوة خارجية تغير من حالته، أي أن الجسم قاصر عن تغيير حالته ما لم تؤثر عليه قوة خارجية تريد تغيير حالته، وفي الحال الحضارية تلك القوة الخارجية هي المجددون وأصحاب الاختراعات والرؤى الحضارية، التي تطمح لإخراج الناس من حال الانسياق اللاواعي وراء الميول اللاواعية التي تستبد بالناس كما بالجماد إلى حال الفاعلية الواعية المتطورة العقلانية مقاومة نزعة العطالة.

bushra.sbe@gmail.com