تحميل...
المسلمون عندما يقولون إن نموذج «داعش» والجماعات الإسلاموية في أفريقيا التي قتلت مئات الآلاف وهجّرت حوالى 12 مليون إنسان واختطفت طالبات الابتدائية واستعبدتهن للجنس، إن كل هذه الجماعات لا تمثّل الإسلام، مع أنها ترفع راية تطبيق الإسلام! وبالمثل بالنسبة لمنع طالبان وجميع الجماعات الإسلاموية بالمناطق التي حكمتها، تعليم البنات وحرمتهن من جميع الحقوق حتى الخروج من البيت والعمل والعلاج! وبالمثل كل مقاطع الخطب والدروس والبرامج التي تتداولها الحسابات المعادية للإسلام للتشنيع بالإسلام من خلال تصريحات المسلمين أنفسهم والتي يشعر المسلم المتحضر بالحرج منها ولا يملك إلا أن يقول إنها لا تمثل الإسلام الحقيقي، فماذا تعني عبارة «لا يمثّل الإسلام الحقيقي»؟ وما هو الإسلام الحقيقي؟ هل تعني أن هناك نسختين متضادتين ومتعاكستين ومتخالفتين من الإسلام ومن كل دين ومن كل دولة ومن كل ثقافة وفن وقانون ومنظومة أخلاقية؟، والسبب يرجع لأن الإنسان مكوّن من طبيعتين مختلفتين متضادتين متعاكستين؛ الطبيعة الأولى طبيعة دنيا لا واعية ولا عقلانية وتتمثل بنوازع الأنا البدائية الغرائزية وغرورها، وهي المشتركة مع الحيوانات، وغالب الناس مسيرون بالكامل بالطبيعة الغرائزية الحيوانية اللاواعية، ولذا لفهم الظواهر البشرية المعقدة كالإرهاب والحروب واضطهاد النساء يجب مطالعة برامج سلوك الحيوانات. والطبيعة الثانية هي طبيعة عليا عقلانية وجدانية أخلاقية روحية ربانية واعية يتفرد بها الإنسان وتتمحور حول المثاليات العليا، وهي تتطلب أن يكرّس الإنسان ذاته عليها بشكل واعٍ، ومن أندر النادر أن يوجد من كرّس كل أجزاء كيانه «عقله، قلبه، روحه، سلوكه، أخلاقه، صفاته، نواياه، معاملته، أفعاله» على سمات الطبيعة العليا ومثالياتها، ولذا من لا يزال عالقاً بمستوى الطبيعة الغرائزية الحيوانية اللاواعية، فكل ما يتولّد عنه من آراء وقناعات ومعاملة وأفعال وسلوكيات تعبّر عن الطبيعة الدنيا الحيوانية الخالية من المثاليات العليا مهما حاول تلبيسها بلباس الشعارات المثالية، فهي تبقى أنماطاً بدائية غرائزية متخلفة رجعية همجية مفتقرة لقيم الجمال والعدل والإنصاف والمساواة والخيرية والحرية، وجميع المثاليات العليا الربانية، وكل ما يحسبها مثاليات هي بالحقيقة الأنماط التي توجد بعالم الحيوان مثل، على سبيل المثال؛ أن علاقاته الشخصية أو علاقات قومه لا يريدها أن تكون قائمة على المساواة والعدل والحب والتفاهم، إنما يريدها أن تكون مثل علاقات الحيوانات قائمة على هرمية فرض السيطرة والهيمنة والإخضاع سواء على زوجته أو على الأمم الأخرى، وهذا سلوك الذكور المهيمنين بجماعات الحيوانات، بينما من ارتقى إلى مستوى الطبيعة العليا الربانية وكرّس أجزاء كيانه على مثالياتها الحقيقية فالنسخة من الدين أو الدولة أو السياسة أو القانون أو الثقافة أو الأعمال الفنية أو الفكر أو التعامل والعلاقات الخاصة والعامة التي تصدر عنه تكون مضادة ومعاكسة ومخالفة جذرياً وبالكامل للنسخة التي تصدر عن الذي لا يزال عالقاً بالمستوى الحيواني، ويبدوان وكأنهما يتحدثان عن شيئين مختلفين بالكامل لا يمتان لبعضهما بصلة، والفقه الإسلامي كأي عمل بشري يتضمّن آراء تولدت عن الطبيعة الدنيا الغرائزية كالمضادة لحقوق النساء، والتي ترى أنه يجب على المسلم أن يكون بحال عداء وقتال دائم ضد كل الخلق، ويقوم بأفعال تدميرية مفسدة ضد جميع الخلق ولا يبالي بتبعات أفعاله المفسدة على الإسلام والمسلمين قبل غيرهم، وهناك آراء تولّدت عن الطبيعة العليا ومثالياتها مثل الآراء التي تمنح النساء حقوقاً مساوية للرجال، وتقول إن العلاقة بين الأمم يجب أن تكون كما قال القرآن تعارف وتعاون على البر والإحسان والمشتركات ليتطوّر ويرتقي الجميع، ونحتاج لإبراز المكرّسين على الطبيعة العليا ليرى العالم الإسلام الحقيقي.
باستمرار نرى مقاطع لأكوام من الطعام الصالح للاستعمال البشري مرمية بالقمامة، وهو منظر مستفز لأقصى الحدود، ويدل على أنه يجب أن يكون هناك قانون ملزم يمنع رمي الأطعمة الصالحة في النفايات، ويلزم المؤسسات المختلفة التي تعمل في مجال الأطعمة بالتبرع بالفائض إلى بنوك الطعام وجعلها الجهة الوحيدة المكلفة باستقبال فوائض الطعام وتوزيعه، وليس الجمعيات الخيرية؛ لأن الجمعيات الخيرية نادر من الناس من يعرف عنها ولديها عدم كفاءة جذرية في توزيع التبرعات؛ لذا هناك شكوى دائمة من أن بعض المساعدات الغذائية التي توزعها تكون منتهية الصلاحية بسبب تأخر توزيعها، إضافة لسوء ظروف حفظها، وكثير منها يرمى بالقمامة لفساده وعدم توزيعه؛ لأنه لا أحد يعرف عن الجمعية. والدول التي أصدرت قوانين تمنع رمي الطعام وتفرض عقوبات رادعة وغرامة؛ فرنسا، إيطاليا، بلجيكا التشيك البرتغال فنلندا. والإكوادور وكوريا الجنوبية تلزمان بالتبرع حتى بالأطعمة غير الصالحة للاستهلاك البشري إلى تغذية الحيوانات أو إنتاج الطاقة، وهناك دول سنّت حوافز مالية وضريبية على المرافق التي تلتزم بالتبرع بالغذاء الزائد بدل رميه بالنفايات مثل أمريكا وبريطانيا وكندا كولومبيا اليابان بولندا المكسيك أستراليا الدنمارك السويد النمسا سويسرا ألمانيا هولندا بلجيكا البرتغال سنغافورة، فحتى دون الحافز الديني أقرّت هذه الدول الأجنبية قوانين تضمن عدم هدر الطعام؛ لأن هذه السياسة لا تقلّل فقط من التكلفة العالية للتخلص من النفايات الغذائية إنما الأهم أنها تؤدي لتحسّن جذري في نوعية حياة الفقراء؛ لأن غالب دخل الفقراء يصرف على الطعام؛ ولذا عندما يتم تأمين الطعام اليومي للفقراء فسيذهب دخلهم إلى بقية أوجه حاجاتهم مثل سداد الفواتير والإيجار بدل أن يصبحوا محتاجين لمن يسددها عنهم، وأيضاً هذه السياسة تضمن أن يحصل الفقراء على نوعية غذاء صحي ومتوازن، إذ إن الفقراء يميلون لاستهلاك الطعام الرخيص، وأرخص الطعام هو النشويات، التي أقل قدر منها يصيب الناس بالبدانة مما أدّى إلى ظاهرة أن الفقراء هم الأكثر بدانة، وهذا ما يجعل البعض حتى لا يصدق أنهم فقراء بسبب البدانة، لكن في عصرنا البدانة باتت سمة سائدة في الفقراء بسبب أن النشويات أرخص أنواع الأطعمة، وهذا يؤدي لإصابة الفقراء بالأمراض الخطيرة والمزمنة الناتجة عن تناول النشويات والبدانة مثل السكري وما ينتج عنه من بتر للأطراف والفشل الكلوي، ويضيف الكثير من الأعباء المالية على قطاع الصحة لعلاج أمراض الفقراء الناتجة عن نمط التغذية غير المتوازن وغير الصحي، وأيضاً عدم توازن النظام الغذائي له أضرار دائمة بالنسبة لمن هم في طور النمو، إذ تحتاج أجسادهم إلى طعام متنوع يوفر لهم الفيتامينات والمعادن والعناصر الرئيسية، وكل هذه المشاكل الجذرية يحلها فرض قانون ملزم بالتبرع بفوائض الطعام إلى بنوك الطعام، وأيضاً التبرع بالطعام غير الصالح لاستهلاك الآدميين ليصبح طعاماً للحيوانات سيكون بمثابة مساعدة مباشرة لملاك الحيوانات ويوفر عليهم نفقات إطعامها، مما يعني زيادة في دخلهم وربما حتى يصبح وسيلة للوقاية من خطورة تنقلات الجمال عبر الطرق لغايات الرعي، الذي كثيراً ما يتسبّب بحوادث قاتلة لعوائل بكاملها، وفرض التبرع حتى بالغذاء غير الصالح للبشر والحيوانات إلى غاية إنتاج الطاقة يعد من قبيل فرز النفايات الذي سيحقق جزءاً كبيراً من خطط المركز الوطني لإدارة النفايات/موان الذي يهدف لتحويل النفايات من عبء مالي لمنتج اقتصادي عبر إعادة تدويرها بشكل مستدام، ومن المبادرات الفردية الجميلة التي يجب تعميمها اجتماع أهل الحي على التبرع بثلاجة بالشارع يضع فيها الأهالي فوائض طعام بيوتهم للمحتاجين، والسياح ينبهرون بها لما تدل عليه من خيرية.
ضجة كبرى حصلت مؤخراً بعد مقابلة لزوجة إحدى أشهر الشخصيات الدينية بمصر والذي كان له منصب ديني رفيع قبل فصله منه وعدد متابعيه بفيسبوك 7.2 مليون، وقالت إنها بيوم عندما ناقشته بأمر قال لها «أنا كلامي لا يناقش أنا كلامي كلام إله». وهذه عبارة تفضح حقيقة النموذج النفسي الذي يتم فرضه للعلاقة بين الزوجين بغلاف ديني؛ فالخطاب الديني السائد يعبّد الزوجة لزوجها ويجعل العلاقة بين الزوجين ليست علاقة بين إنسانين متكافئين ومتساويين بالكرامة الإنسانية والروحية والأخلاقية والاجتماعية إنما جعلوها علاقة بين سيد وعبد أو كما قال هذا الشيخ علاقة بين إله وبين عبده البشري، وقام هذا الشيخ بالتحايل بصياغة وثيقة الزواج لحرمان زوجته من حقوقها المادية، والصدمة الأكبر أن ردة فعل الرجال العرب على هذه الكارثة الأخلاقية والدينية لهذا الشيخ لم تكن استنكار كلامه وتركه زوجته معلقة مع طفلته ومحرومة من كل الحقوق إنما قاموا بتمجيده وتعظيمه والدفاع عنه واعتباره قدوة يتعلمون منه صيغة الاحتيال على النص القانوني لعقد الزواج لحرمان الزوجة من حقوقها المادية وتركها معلقة لا تستطيع الطلاق والخلع، وهذا يدلل على مدى درجة الانحراف والتطرّف بالعنصرية ضد النساء لدرجة تأييد رجل قال كلاماً يعظّم به نفسه على زوجته، لأن هذا الشيخ اشتهر بالخطاب الذكوري العنصري ضد النساء الذي يحرّم عليهن كل حقوقهن ويجعلهن مستعبدات عند الرجال، ولو غيره قال هذا القول لطالبوا بقتله، وزوجته المنقبة التي ترتدي السواد قالت إنه كادت تحصل لها ردة عن الإسلام بسبب سوء نموذج زوجها، وقالت إنها كانت تحسبه ضد النسويات فقط وهي توافقه بذلك لكنها اكتشفت أنه «ضد المرأة أصلاً وعموماً»، وهذا الخطاب النرجسي المستكبر العنجهي السام ضد النساء سبب رئيسي لعزوف النساء عن الزواج ولكثرة الطلاق والخلع، فالرجال يريدون تطبيق نموذج هذا الشيخ الذي يجعل الزوج يريد أن يكون السيد وزوجته العبدة المطيعة التي ليس لها عقل ولا قلب ولا روح ولا رأي ولا كرامة إنسانية ولا حقوق ولزوجها حق ضربها وحبسها وحرمانها من كل حقوقها حتى التواصل مع والديها، ولا توجد فتاة عادة تقبل بهذا النموذج الرجعي المتخلّف الظالم والمدمّر للنساء عقلياً ونفسياً وروحياً، وهو سبب رئيسي لكون النساء يعانين أكثر بكثير من الرجال من الأمراض العقلية والنفسية، فلا أحد يمكنه العيش بظروف هذا النموذج الظالم الهمجي غير المتحضر ويبقى إنساناً طبيعياً، وبأفغانستان حيث تطبّق الدولة هذا النموذج على النساء وصل الانتحار لمعدلات وبائية لدى النساء، ثم يقال لماذا النساء نكديات ولا يقدّرن صرف الزوج عليهن؟ بينما هن يعشن هذا الجحيم المدمّر لهن من كل وجه، ومؤسف جداً أنه لدينا من نصّبوا أنفسهم في مسمى وظيفة مستشار أسري يتبنون هذا الخطاب الظالم الرجعي الهمجي، ولذا هم جزء من المشكلة وليسوا جزءاً من الحل، فطريقتهم في ما يسمونه الإصلاح بين الزوجين هو محاولة إقناع الزوجة والضغط عليها لتقبل بنموذج العيش بدون أي حقوق وتحت اضطهاد وظلم كامل من زوجها، ولهذا يعادون النسوية والتي هي الدفاع عن حقوق النساء وليس فيها أدنى ظلم وتهديد للرجال ولم تؤدِ لأذية ذكر واحد، بينما الذكورية أدّت لقتل أعداد لا تحصى من النساء، وحسب دراسة وإحصائية للأمم المتحدة فأخطر مكان على النساء والأطفال ليس الشارع إنما هو البيت، وأخطر خطر على سلامة وحياة النساء والأطفال هم الرجال من أهل البيت وليس الغرباء «GLOBAL STUDY ON HOMICIDE, Gender-related killing of women and girls».
هي حقيقة أنه لا يوجد نص في القرآن ولا السنّة ينص على منع تولية النساء للولايات العامة كالقضاء، والحديث الذي بسببه حرمت النساء من حقهن بالولايات العامة «لما بلغ رسول الله أن أهل فارس قد ملّكوا عليهم بنت كسرى، قال: لن يفلح قوم ولّوا أمرهم امرأة». وهذا الحديث هناك مدخلان لجعل توظيفه ضد حقوق النساء غير صحيح، الأول؛ كما قالت د. سهيلة زين العابدين ابنة إمام الحرم «هذا الحديث لم يرو إلا عن طريق أبو بكرة وهي رواية مفردة، والروايات المفردة لا يُعتد بها بالأحكام، وأبوبكرة محدود بحدّ القذف ولم يتُبْ، وقال الله عمن حُدّ حدّ القذف (.. وَلا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا). وقال له عمر بن الخطاب: «تُبْ أقبل شهادتك»، ولم يتب فقال له «لن نقبل شهادتك» ابن تيمية، دقائق التفسير 4/426 وابن إسحاق. فلا يصح الأخذ بروايته لأن شهادته لا تقبل. وحتى لو قبلت فدار الإفتاء المصرية نشرت رداً على حكم الاستشهاد بالحديث على عدم جواز تولية النساء الولايات العامة 17/ديسمبر/، هذه الدعوى باطلة، والاستدلال عليها بالحديث المذكور غير صحيح. وذكرت أن الحديث هو بمثابة نبوءة عن عدم نجاح حكم ابنة كسرى تحديداً وليس قاعدة عامة عن ولاية جميع النساء.. وقائع الأعيان لا عموم لها. وهو أيضاً قول د. شوقي علام مفتي مصر، ود. آمنة نصير أستاذة العقيدة بالأزهر، وممن أجاز تولي النساء القضاء؛ الإمام الطبري الذي كان له مذهب كالمذاهب الأربعة، وابن حزم، والحسن البصري، وابن القاسم المالكي، ومحمد الشيباني، أبو الفتح بن طَرار، ورواية عن الإمام مالك تحفة الأحوذي وبعض المالكية ابن حجر العسقلاني، والقاضي السعودي محمد الجذلاني وجود المرأة بداخل المنظومة القضائية مرحب به.. والمرأة مؤهلة تأهيلاً كاملاً يتيح لها العمل كقاضية. (الرياض، الإثنين 22/شعبان/1434)، د. أحمد الطيب شيخ الأزهر، وأفتى شيخ الأزهر د. محمد طنطاوي بحق المرأة بتولي رئاسة الدولة والقضاء، د. علي جمعة مفتي مصر؛ وقال: «ورد تولي المرأة منصب قاضية بعصور سابقة بالإسلام، وتولت 90 امرأة بتاريخ الإسلام مناصب قضاء وولاية»، و«يجوز للمرأة أن تتولى رئاسة الدولة»، (الفتاوى الإسلامية من دار الإفتاء المصرية، (36/23-39/72)، د. سعاد صالح أستاذة الشريعة بالأزهر، د. نصر فريد واصل مفتي مصر، د. محمد البوطي، د. الطيب النجار رئيس جامعة الأزهر، د. محمد الغزالي، د. عبدالكريم زيدان، أبو الفرج بن طرار شيخ الشافعية كتاب «أحكام القرآن» لابن عربي/483، د. عادل المراغي، قال ابن نُجيم عن شروط القضاة: «لا تشترط الذكورة» البحر الرائق 6/280،281. وأيضاً قال بمثله علاء الدين الكاساني الحنفي «البدائع». محمد السيواسي الحنفي، شرح فتح القدير 7/298. الشيخ. عطية صقر رئيس لجنة الإفتاء بالأزهر «فتاوى وأحكام للمرأة المسلمة/247». وقال الطبري: «يجوز أن تكون المرأة حاكما على الإطلاق في كل شيء»، «بداية المجتهد» 3/445. وقال: «يجوز للمرأة أن تكون خليفة وأميرة للمؤمنين وقاضية، وكل شيء تتولاه المرأة يصح لها أن تفعل ذلك». أورده عنه ابن رشد وابن قدامة والشوكاني، وابن حزم بكتابه الـمُحَلّى، 8/527-528: «جائز أن تلي المرأة الحكم، وهو قول أبي حنيفة، ورُوِيَ عن عمر بن الخطاب أنه ولّى الشِّفاء -امرأة-على السوق». وبدراسة فقهية لوزارة العدل المصرية حول تعيين المرأة بالقضاء أقرت نص الفتوى التي بتاريخ 22/10/2002 موقعة من شيخ الأزهر د. محمد طنطاوي، ومفتي مصر د. أحمد الطيب، ووزير الأوقاف د. محمود زقزوق وتقول: «لا يوجد نص صريح قاطع من القرآن والسنة يمنع المرأة من تولي القضاء». طالع «الإثبات العلمي لصحة تولي النساء الولايات العامة والقضاء، عكاظ، 31/أكتوبر/2025». «الدراسات العلمية أثبتت أن شهادة النساء تعادل الرجال، عكاظ، 24/أكتوبر/2025».
لا يوجد ما يمكن قوله عن الحرب الأهلية بالسودان أبلغ من المقاطع التي يصورها المجرمون لأنفسهم وهم يقومون بأفظع عمليات التنكيل والقتل الجماعي والاغتصاب وينشرونها متفاخرين ومتوعدين بالمزيد، وقد فرضوا فوق ذلك حصاراً قاتلاً جعل الأبرياء يموتون جوعاً كما في غزة، وكل الاستنكار والمناشدات الدولية لم ولن تغيّر شيئاً على الأرض، والشيء الوحيد الذي يمكن أن يوقف الحرب والجرائم في السودان هو تفعيل اتفاقية الدفاع العربي المشترك وتفعيل مشاركة الجيوش العربية في جهود وقف الحروب الأهلية في الدول العربية وحفظ السلام كما حصل في الحرب الأهلية في لبنان، وكما هو مرجّح أن يحصل في غزة، حيث إنه من ضمن بنود وقف إطلاق النار أن تحل قوات دولية في غزة للقيام بحفظ السلام، وقد أعلنت دول عربية استعدادها للتطوع في أن تكون من ضمن تلك القوات، ولأن كل الأطراف في السودان وغيرها من الدول العربية التي عانت من الحروب الأهلية تبحث عن المشروعية فهي لن تجرؤ على مهاجمة الجيوش العربية المتطوعة لحفظ السلام، ووجود الجيوش العربية سيجبرها على إيقاف إطلاق النار، وهذا هو الأمر الوحيد الذي يمكنه أن ينهي الحرب في السودان وكل الحروب الأهلية العربية إن صارت سياسة سائدة، وهذا السياسة لها فوائد لا تحصى لكل الأطراف؛ فالجيوش العربية التي ستتطوّع لحفظ السلام ستكتسب خبرات عملية بالغة الأهمية في الميدان، وسيعزز هذا الدور من مكانتها الدولية وتبرز كقوة داعمة للسلام، كما أن هذا الدور سيمنحها أحقية في جهود إعادة الإعمار، وعدم الاستقرار في كامل منطقة الشرق الأوسط يضر بجميع الدول العربية سواء بشكل مباشر أو غير مباشر ويبدّد الثروات التي تتضمنها المناطق المتنازع عليها لأنه يتم سرقتها من قبل العصابات المتسلطة عليها، والسعودية المبادرة في الجهود الدولية لدعم القضايا العربية هي المؤهلة للدعوة لتفعيل اتفاقية الدفاع العربي المشترك في السودان حالياً، وتواجد القوات العربية سيؤمن وصول المساعدات التي يحتاجها الشعب السوداني بشكل ملح وعاجل ولا يمكن إيصالها له بسبب الحصار المفروض على المدن السودانية، وهناك عبرة هامة من حملة الرئيس الأمريكي ترمب لإيقاف الحروب في العالم والتي صار يعتبرها أكبر إنجازاته ويفتخر بشكل مستمر بأنه أوقف ثمانية حروب في العالم وهو أن؛ الفخر في عصرنا الحالي ما عاد بالحروب، فإسرائيل تدمّرت مكانتها الدولية الخاصة وانقلب العالم ضدها وانتشرت مقاطعتها اقتصادياً بسبب الحرب، فعصرنا الحالي صار فيه الفخر الأوحد للجيوش أن يكون لها دور حفظ السلام، وزعيم الدولة التي لديها أكبر ميزانية دفاعية في العالم أي أمريكا نفسها صارت تفخر بصنع السلام وتتبرأ من حروبها السابقة، وقد صرح الرئيس ترمب عدة مرات أن أمريكا اقترفت خطأ فادحاً بغزو العراق، والجيوش العربية سيصبح مصدر فخرها أيضاً نجاحها في إيقاف الحروب الأهلية في البلدان العربية وحفظ السلام وأيضاً سيكون فخراً لقادة الدول المشاركة دورهم في إيقاف الجرائم ضد الإنسانية، وليبيا أيضاً يمكن أن يكون تواجد قوات عربية مساعداً في حل أزمة الانقسام فيها بين سلطتين وجعلها أكثر استقراراً، وعبرت حملة ترمب لإيقاف الحروب غالباً بمجرد مكالمة هاتفية أثبتت أن كل الأطراف المتنازعة تتمنى لو توقف الحرب لكنها لا تريد أن توقفها من جانب واحد لكي لا تبدو بصورة المستسلم ولذا تدخّل أطراف خارجية يزيل مانع الكبرياء هذا حتى لا يبدو أي طرف بصورة المستسلم لأنه بادر بإيقاف الحرب من جانبه بشكل أحادي، فالمكابرة هي سبب استمرار الحروب لعقود في غياب وساطة التدخل الخارجي.
لحسن الحظ أننا بعصر يمكن به التوصل للحقيقة عبر الدراسات العلمية، وبالنسبة لتولية النساء الولايات العامة كالقضاء، يتم تبرير حرمانهن من حقهن فيها بالمزاعم الخرافية كعاطفية النساء؛ فكلا الجنسين لهما نفس مراكز المعالجات العاطفية بالدماغ، وأدمغة النساء لها نفس كفاءة أدمغة الرجال بالمهام الإدراكية وحل المشكلات واتخاذ القرارات. الدراسة Dump the «dimorphism»: Comprehensive synthesis of human brain studies reveals few male-female differences حلّلت مئات دراسات تصوير الدماغ لثلاثة عقود وأكدت عدم وجود اختلافات هيكلية ووظيفية بالدماغ للجنسين، حتى بالمراكز المرتبطة بالعواطف، ولا توجد سمات موحدة تختلف بين الجنسين، ولا اختلافات بعمل المراكز المسؤولة عن القرارات. وبالدراسة Little evidence for sex or ovarian hormone influences on affective variability رصدت تأثر الأداء المعرفي بالعاطفة؛ ولم تكن سيطرة الرجال على عاطفتهم تزيد على النساء، ودرست التقلبات العاطفية للجنسين، وشملت نساء لديهن دورة شهرية للتحقّق من الاعتقاد بأن النساء عاطفيات لتقلّب الهرمونات، والنتيجة؛ عدم وجود اختلافات عاطفية بين الجنسين، وسبب الانطباع بأن النساء أكثر عاطفية أن الرجال يجبرون على إخفاء مشاعرهم. وبالدراسة Analysis of Human Brain Structure Reveals that the Brain «Types» Typical of Males Are Also Typical of Females, and Vice Versa تم تحليل آلاف الأدمغة للجنسين، وتوصلت أنه لا يوجد دماغ موحد لكل الذكور ودماغ موحد لكل الإناث، فالذكور والإناث عندما تكون لهم نفس الشخصية يكون لهم نفس نمط الدماغ. والدراسة Judging Women: How Much Difference Does Gender Make حلّلت أداء القضاة من الجنسين بالمحاكم العليا الأمريكية 1998-2000؛ القاضيات يؤدين بنفس مستوى القضاة ويتفوقن بالاستقلالية. وبدراسة للإسكوا بعنوان «المرأة في القضاء في الدول العربية»؛ القاضيات أقل عرضة للفساد ويحسنّ نوعية الأحكام. ودراسة على 14 دولة أفريقية توصلت لذات النتيجة (UNDP). وبدراسة للقاضيات بلبنان بعنوان «نساء لبنان في سلك القضاء: إضافة أم مزيد من الشيء نفسه»، والنتيجة؛ «القاضيات أكثر التزاماً بالقواعد القانونية والسلوكية للوظيفة القضائية من القضاة» وأسرع بإصدار الأحكام، فلا تزيد فترة إصدار الأحكام عن سنة للقاضيات، والقضاة تطول لأكثر من 10 سنوات. وبالدراسة Do Women Judges Make a Difference? An Analysis by Appeal Court Data 1985-1992 للمحاكم بألبرتا-أمريكا توصلت لعدم وجود اختلاف بين أحكام القضاة والقاضيات حتى بالاعتداءات الجنسية. وبالدراسة Women as Policymakers: The Case of Trial Judges ليس هناك فارق بين أحكام القضاة والقاضيات، والقضاء الدنماركي الذي يصنّف الأفضل عالمياً يتضمن أعلى نسبة قاضيات 58.6%. وبالدراسة Why women make better directors؛ المديرات يتخذن قرارات عادلة باستمرار عند تضارب المصالح بشكل أكبر بكثير من الرجال. وبدراسة Power Index لمجلس العلاقات الخارجية CFR/ لأفضل الدول؛ الدول التي تتولى بها النساء أعلى المناصب لديها نتائج أفضل بالخدمات كالصحة والتعليم، وشمل الاستطلاع 17000 مشارك من 36 دولة؛ 70% يعتقدون أن الدول بقيادة النساء تُدار بشكل أفضل. وبدراسة -GIWPS2021: حلّلت 194 دولة أثناء كورونا؛ الدول بقيادة نساء سجلت إصابات ووفيات أقل بنسبة كبيرة، وإدارة أفضل للأزمات. والدراسة Gender and evaluations of leadership behaviors: A meta-analytic review of 50 years of research راجعت الأبحاث التي أجريت خلال 50 سنة، والنتيجة؛ «النساء يحصلن باستمرار على تقييمات أعلى من الرجال بالقيادة الفعّالة». والعصور التي توصف بـ«الذهبية» بتاريخ بريطانيا التي صنعت الإمبراطورية التي لا تغيب عنها الشمس هي عصور الملكات؛ إليزابيث الأولى، وفيكتوريا. «دراسات: النساء قائدات ومديرات أفضل من الرجال» «عكاظ-4/أبريل/2025». «الدراسات العلمية أثبتت أن شهادة النساء تعادل الرجال، عكاظ-24/أكتوبر/2025».
مؤسف أننا بعصر العلم ولا يتم توظيف الدراسات العلمية لحسم القضايا الجدلية، كقضية شهادة النساء، حيث الغالب بالفقه عدم أخذ شهادة النساء بالحدود والقصاص وتعميم آية شهادة النساء على أن كل النساء يعانين النسيان بشكل يجعل شهادتهن لا تساوي شهادة الرجال، لكن الدراسات العلمية أثبتت عدم صحة هذا التعميم، وأثبتت أن صحة شهادة النساء تعادل شهادة الرجال وأفضل منها، الدراسة Gender Effects Regarding Eyewitness Identification Performance أثبتت ليس هناك تأثير لجنس الشاهد على دقة الشهادة، الدراسة Gender-related differences in eyewitness testimony وجدت أن الإناث «شهود أكثر موثوقية من الذكور» وتفوق الإناث على الذكور بدقة وصف الأشخاص، خاصة وصف الضحايا، والإناث أظهرن درجة أعلى من الدقة بوصف الأماكن، ولم يكن هناك اختلافات لدى الجنسين بكمية التفاصيل المسترجعة، الدراسة Sex differences in eyewitness memory: A scoping review راجعت 29 دراسة وجدت أنه لا فارق بين الجنسين بكمية المعلومات الصحيحة بالشهادة، الدراسة Gender Effects Regarding Eyewitness Identification Performance وجدت أنه لا يوجد تأثير لجنس الشاهد على دقة التعرّف على وجه المجرم، ولا انحياز لجنس الشاهد، الدراسة Gender differences in eyewitness testimony وجدت أنه لا توجد فروق بين الجنسين بدقة الاستذكار ومقاومة المعلومات الخاطئة، الدراسة On the psychology of eyewitness testimony وجدت أن الإناث كنّ أكثر دقة بشكل كبير من الذكور بالشهادة، مع عدم وجود فرق للجنسين بكمية المعلومات المستذكرة، بالدراسة Individual Differences in Eyewitness Memory and Confidence Judgments لم يتم العثور على فرق للجنسين بدقة الاستذكار للتفاصيل المتعلقة بالفاعل والأشياء والأفعال المتعلقة بالحدث. بالدراسة Eyewitness Recall and Duration Estimates in Field Settings اختبر استذكار الشهود من الجنسين وكان أداء الجنسين متشابهاً، الدراسة Accuracy of recall among (eyewitnesses) to a simulated robbery: Intrapersonal and stimulus determinants وجدت أن دقة الشهادة لم تتأثر بجنس الضحية وجنس الشاهد، والدراسة Gender effects in eyewitness accounts of a violent crime وجدت أن النساء تفوقن بالذاكرة العامة للجريمة والتفاصيل عن الأشخاص وعن الأحداث، الدراسة Individual Differences in Eyewitness Testimony ذكرت أن الدراسات السابقة أثبتت أن «الإناث أكثر موثوقية باستذكار تفاصيل حدث الشهادة من الذكور». وفحصت الدراسة هذه النتيجة في ما يتعلق بالتأخير الزمني قبل المحاكمة، وتوصلت لأن الإناث يمكنهن استذكار الوجوه بدقة بعد تأخير زمني أفضل من الذكور، ولذا توصي الدراسة «المحامين والقضاة لتفضيل اختيار النساء على الرجال في حالات تكون تفاصيل شهود العيان حاسمة للحكم بالإدانة»، الدراسة Adult Age and Gender Differences in Eyewitness Recall in Field Settings وجدت أن النساء كنّ أكثر صواباً ودقة بكثير من الرجال بتذكر الخصائص التي يُحكم عليها بأنها أكثر أهمية، الدراسة The Effects of Stress and Gender on Eyewitness Memory أضافت التوتر إلى قياس جودة الشهادة ووجدت أنها لا تختلف بين الجنسين. وشرعاً؛ أجاز ابن حزم شهادة النساء منفردات بالحدود، والقصاص، وأحكام الأبدان، والأموال بالكتاب، والسنة، والمعقول «المحلى/ج٩»، وكذلك عطاء بن أبي رباح، والشوكاني وحماد بن أبي سليمان «نيل الأوطار/ج٧»، وسفيان الثوري وأحد الأقوال عند مالك، وأجاز الحنفية تولي المرأة القضاء بغير الحدود والقصاص؛ لأنهم اعتبروا أنه لا تجوز شهادتها بهما رغم أنه لا دليل بالقرآن والسنة بعدم جواز شهادة النساء بهما. د. محمد الغزالي قال إن شهادة النساء بالحدود والقصاص يجب أن تكون مقبولة. وقال «ابن حزم بتمحيصه للآثار المروية يؤكد أن رفض شهادة النساء بالحدود والقصاص لا يوجد له أصل بالسنة».