-A +A
سعيد السريحي
مر على الأندية الأدبية حين من الدهر كانت رسالة واحدة ممن يحسبون أنفسهم محتسبين كفيلة بإلغاء نشاط كان النادي الأدبي قد أعلن عنه والاعتذار من ضيف كان النادي قد وجه الدعوة إليه، وكانت مجالس الأندية الأدبية كلما انعقدت تركت كرسيا شاغرا فيها يمثل على نحو رمزي ما يمليه أولئك الذين يحسبون أنفسهم محتسبين على مجلس الإدارة من خيارات لا تخلو من تهديد حين يتعلق الأمر بضيف أو موضوع لا يتوافق مع أهوائهم ولا تخلو من إغراء بالرضا والقبول بمن يتوافق معهم من الأشخاص ويتماشى معهم من الموضوعات.

مر حين من الدهر كانت الصحوة تقود الفكر والثقافة علنا أحيانا وأحيانا من تحت غطاء يمثله من ينتمون إليها أو يتقربون منها أو يرتجفون خوفا من مخالفتها ممن أصبحوا على حين غرة أعضاء في مجالس إدارة كثير من الأندية.


في تلك الحقبة السوداء تم عزل كثير من الأدباء وتهميشهم وإقصاء اتجاهات ومذاهب أدبية في الوقت الذي تم تكريس أشخاص لا حظ لهم من الأدب واتجاهات لا تمت للثقافة بصلة، وكان الرهان هو عودة الوعي، وهو ما تحقق حين انقشعت غمامة الصحوة وغمتها وتوارى من يمثلونها بعدما تكشف أمرها عن ضرب من الانغلاق حين يتصل الأمر بالحوار مع الآخر والاستفادة منه وضرب من السطحية حين يتصل الأمر بالعلاقة بالموروث.

وعلى الرغم من تجاوز ثقافتنا لتلك المرحلة، إلا أن بقية باقية من تلك الحقبة لا تزال تحاول استعادة دورها، ومن ذلك ما تعرض له نادي الطائف من تهديد ووعيد وتحذير ترجمته الرسائل التي تلقاها رئيس النادي عند استضافة الشاعر حيدر العبد الله، وهي ليست المرة الأولى التي يتلقى فيها النادي مثل تلك الرسائل، وإذا كانت الشجاعة التي عود النادي جمهوره على التعامل بموجبها مع تلك الرسائل حالت دون تحقيق ما كان يحاول أن يمليه باعثو تلك الرسائل للنادي.

هذه الشجاعة التي يتسم بها نادي الطائف ومجلس إدارته لا تزال تفتقر إليها بعض الأندية الأدبية الأخرى والتي لا تزال تدار بنفس التوجسات التي كانت تدار بها الثقافة في زمن الغفوة التي لا يزال هناك من يعتقد أنها كانت صحوة.