-A +A
أسامة يماني
الغرب ارتد على كل القيم التي بشّر بها ونادى بها من ديمقراطية وحقوق إنسان وحرية التعبير والكلمة الحرة، كما لم تعد تحرّك ضميره ووجدانه الجرائم التي ترتكب ضد الإنسانية وانتهاك القانون الإنساني الدولي والقانون الدولي لحقوق الإنسان. وفي هذا السياق يجدر التنويه أن إعلامنا العربي عندما يناقش هذه المواضيع مع الضيوف الغربيين أو الإسرائيليين يتكلم معهم على استحياء وكأنه خائف على مشاعرهم. في المقابل نجد أسلوبهم المتعالي والعنصري وعدم التفرقة بين المدنيين وغير المدنيين طالما أنهم ليسوا من جلدتهم، والمساواة بين الضحية والجلاد دون أن يرف لهم رمش. وفي الواقع أن الغرب لا يعترف بالقيم الإنسانية أمام من يقف في طريقه أو يعيق أهدافه.

السؤال: هل فكرة حل الدولتين قائمة بعد أحداث غزة؟


قبل الجواب عن هذا السؤال يجب توضيح أن الغرب أغرقنا بمصطلحات وكلمات ومفاهيم تهدف لتضييع وتمييع القضية التي بكل بساطة هي تحرير الأراضي المحتلة. كل المصطلحات والأفكار التي تعرض ما هي إلا محاولة لإخراج الموضوع عن سياقه. دولة الاحتلال تدرك أهمية هذا الخلط وتجيد اللعب عليه. لهذا رفضت إسرائيل كلمة وطن في مسمى السلطة الفلسطينية. وفقاً لاتفاقيات أوسلو، تم تعيين السلطة الفلسطينية لتكون لها سيطرة حصرية على كل من القضايا الأمنية والمدنية في المناطق الحضرية الفلسطينية. في حين أن إعلان بلفور لعام 1917، الذي يعرب عن تأييده لإنشاء وطن قومي للشعب اليهودي. دولة الاحتلال برعاية الغرب تتلاعب بالقضية الفلسطينية. فمثلاً أصبح السلام يحتاج لعملية قد تصل هذه العملية لسلام وقد لا تصل. وهكذا تدخل القضية في لعبة الضيعة أو المتاهة التي لا نهاية لها.

دون أن نعود للقضية التحرير لن يكون هناك حل. نعم لقد تجاوز الزمن فكرة حل الدولتين والآن نحن أمام حل وحيد وهو إنهاء الاحتلال. لأن حل الدولتين يكون بإرادة طرفين راغبين في الحل وهو ما لا يتوفر لدى دولة الاحتلال التي تعتبر فكرة حل الدولتين مناقضة لفكرة إسرائيل الكبرى.

الحرب الاقتصادية على مصر هي جزء من خطة إسرائيل الكبرى. وكذلك الحرب ضد سورية واغتصاب أراضيها، كلها تصب لصالح مشروع إسرائيل الكبرى. الأمر واضح، حتى الدول التي تصالحت مع إسرائيل لم تسلم. وكانت في مقدمة الدول التي تعرّضت لمشروع الشرق الأوسط الكبير. ومن الأمثلة الصارخة على ذلك الضغط الذي تم على السودان بهدف التطبيع لم ينجِ ويمنع السودان من حرب أهلية.

الأمن بمفهومه الإستراتيجي مهدد في منطقة الشرق طالما الاحتلال قائم. إن دولة الاحتلال خطر وجودي كالسرطان ثبت ضرورة استئصاله، لأن كل المسكنات ما هي إلا مجرد وقت لنمو واستفحال هذا الخطر الخطير. ليس هناك أي مبرر على بقاء الاحتلال. لقد حاول واختبر العرب مع دولة الاحتلال كل الطرق للوصول لتسوية نهائية. فكانت فكرة الأرض مقابل السلام، وكأن إسرائيل تعطي العرب حقاً مقابل السلام. ثم انتقلنا إلى مرحلة التطبيع مقابل السلام. إن مفهوم التطبيع مقابل السلام خطير جداً في تبعاته ونتائجه لأنه يعني عملياً القبول بالأمر الواقع، وبمعنى آخر تقبل فكرة دولة إسرائيل الكبرى. ولن ترى المنطقة في ظل هذه المفاهيم المغلوطة إلا المزيد من الفوضى وخلط الأوراق.

حل الدولتين يقوم بين كيان يريد أن ينفصل إلى كيانين قانونيين والعيش بسلام كدول متجاورة. هذا الحل تجاوزه الزمن بتجاوز إسرائيل اتفاقية أوسلو 1993 الموقعة بين منظمة التحرير الفلسطينية وإسرائيل في إطار حل الدولتين. اليوم الحل هو إنهاء الاحتلال الذي يعني تنفيذ دولة الاحتلال لواجباتها التي تلزمها به كل الأعراف والقوانين الدولية.