-A +A
مي خالد
في مثل هذا اليوم، الثاني من أغسطس آب عام ١٩٩٠، أفاق الناس في الكويت على حقيقة مروعة وهي وقوع وطنهم تحت الاحتلال العراقي، ورأوا بأعينهم صور الرئيس صدام حسين تعلق على جميع المرافق وعلى الجدران وأعمدة الإضاءة في الشوارع، والهتافات تملأ الطرقات لتمجيد السيد الرئيس.

إننا حين نستذكر هذا الغزو والعدوان كل عام فهذا ليس فقط لهدف إحياء الذكرى والترحم على مئات الشهداء الذين وقعوا ضحية الاحتلال، وكذلك الأسرى الذين لازال مصير بعضهم مجهولاً، بل الهدف الأهم فهم كيف غير هذا الغزو موازين القوى في العالم.


قبل هذا التاريخ بقليل أي عام ١٩٨٩م، سقط جدار برلين وأعلن بعد ذلك بثلاثة أسابيع انتهاء الحرب الباردة وتوحدت ألمانيا. أما بعد الغزو بعام واحد أي في عام ١٩٩١م، تفكك الاتحاد السوفيتي.

لقد جعل هذا الغزو من أمريكا قوة عظمى أنهت حرب التحرير بمعاونة دول أخرى أهمها المملكة العربية السعودية خلال أربعة أيام فقط. وانتصرت أمريكا على نفسها قبل أن تعلن انتصارها على صدام، بحيث تحررت أمريكا أولاً من عقدة حرب فيتنام قبل أن تحرر الكويت من صدام.

ومنذ ذلك اليوم تغيرت مكانة الشرق الأوسط لدى السياسة الأمريكية فأصبح من أهم الأولويات، وأعلنته منطقة ساخنة، بعد أن كان هامشاً طوال تاريخه.

قبل معركة العراق الأولى، لم تخض الولايات المتحدة أبداً حرباً واسعة النطاق في الشرق الأوسط،

لكن بعد تحرير الكويت وعلى مدى سنوات طويلة وتبدو لا نهائية، انتقلت الحرب الأمريكية إلى العديد من البلدان الشرق أوسطية.

فعلى سبيل المثال وليس الحصر:

حكم الرئيس أوباما ثماني سنوات شن خلالها غارات جوية على سبع دول شرق أوسطية هي العراق وأفغانستان وباكستان واليمن وسوريا وليبيا والصومال.

لقد عززت الحرب القصيرة التي قادتها أمريكا لتحرير الكويت الفكرة القائلة بأن الولايات المتحدة كانت في وضع فريد لإعادة تشكيل النظام العالمي في أعقاب الحرب الباردة. وكل هذا بفضل صدام حسين. لذا نستطيع أن نؤكد أن ما حدث في الكويت تلك الليلة المريعة غيّر وجه العالم، لكن ما ليس مؤكداً هو السؤال المعلق منذ العام ٩٠: هل أعطت أمريكا الضوء الأخضر لصدام كي يغزو الكويت كما يشاع؟.