أخبار السعودية | صحيفة عكاظ - author

https://cdnx.premiumread.com/?url=https://www.okaz.com.sa/uploads/authors/279.jpg&w=220&q=100&f=webp

مي خالد

تجديد خزانة ملابسك

في أفلام العهد الفيكتوري والأفلام المصرية القديمة مشهد أيقوني يتكرّر بأساليب تصوير مختلفة وسيناريوهات متباينة، نشاهد الترزي أو الخيّاطة وهما يلفان حول عنقهما شريط قماشي مرصوف بالدبابيس بينما يعدّان بدلة البطل أو فستان السيدة، يبدو أنهما أخذا المقاسات في مشهد سابق، يتبع هذا المشهد مشهد بروفا آخر قبل أن يستلم البطل بدلته التي تأخر الخياط عن موعد تسليمها.

كانت صناعة الملابس عملية فنية معقدة تستهلك عدداً من الصناعات اليدوية منذ أول إزرار إلى تثبيت آخر شريط دانتيل.

يستغرق العمل على الملابس وقتاً طويلاً. كما كان جلوس سيدة المنزل خلف ماكينة الخياطة أمراً معتاداً حتى وقت قريب.

كانت أمهاتنا يملكن ماكينة خياطة كما نملك اليوم جوالات ذكية، ماكينة الخياطة تبدو كيد إضافية تعمل على رتق ثياب الأطفال وإصلاح ثياب الزوج وتصميم فستان مطرز فاخر للأعياد والأعراس، إلى جانب خياطة الستائر وأكياس المخدات ومفارش ومشغولات أخرى كثيرة.

وفي الأحياء السكنية كانت تنتشر محلات الخياطين الذي يوشكون الآن على الانقراض، الثياب كانت نادرة وباهظة الثمن، أما الآن فأشد الناس فقراً لديه خزانة ثياب مملوءة عن آخرها بأحدث التصميمات العالمية المقلدة التي نسختها المصانع في خطوط إنتاج تراعي رخص الخامات وكذلك رخص اليد العاملة.

عنوان المقال (جدد خزانتك) كان موضوع رسالة وصلتني عبر الإيميل كإعلان لموقع صيني شهير يبيع أردأ أنواع الثياب بأرخص الأسعار، لا أتحدث هنا عن الطبقية بل عن الثورة الصناعية التي قضت على الفرادة والبطء والفن ولم يبقَ منها غير ما كان موقعاً باسم مصمم عالمي رغم ما يتردد من أن هذه المنتوجات أيضاً مصنوعة في مصانع تستغل رخص اليد العاملة في دول العالم الثالث.

إن ما حدث لتاريخ الملابس يتكرر من حولنا في كل شيء يتم أتمتته ونحن نشاهد هذا التشوه والافتقار للذوق والإبداع من حولنا لكننا نحتفل بالغزارة والوفرة والكلفة الرخيصة. غداً سينطبق هذا الحديث على عالم الثقافة والتأليف والكتب، وقد بدأ هذا المد فعلاً، قرأت عن دار نشر ترجمت كتاباً ضخماً لشاتوبريان لكن أحداً لم يستطع قراءته بسبب الترجمة السيئة المعتمدة على الذكاء الاصطناعي. وسيكون هناك آلاف الكتب الذكية التي لا يستطيع قراءتها والاستمتاع بها أي أحد.

منذ يومين

في بطن الحوت الإلكتروني..!

ابتلع الحوت نبي الله يونس ثم ألقاه على الشاطئ بعد أن دعا الله: (لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين).

أما نحن فالذي ابتلعنا كمبيوتر سيبراني عملاق، وفي الحالتين لا يهم إن كان الذي ابتلعنا وحش من لحم ودم أم وحش من خوارزميات وأكواد، يربّت علينا ويتحسّسنا عند كل منفذ ووجهة لنثبت أننا بشر ولسنا روبوتاً، نعبر البوابات في المطارات والمؤسسات ليتأكد من بصمات أصابعنا وحدقات عيوننا، نخضع للمسح كي نثبت هويتنا؛ لأن الإنسان لم يعد مخلوقاً بشرياً، بل أصبح سطراً في قاعدة بيانات عالمية ضخمة، جميعنا داخل بطن الآلة ولن يفيدنا الاعتراف بالذنب الذي لم نقترفه.

«عبور الإنسانية» أو «تجاوز الإنسانية» أو «ما فوق الإنسانية» أو «ما بعد الإنسانية» هو تيار فلسفي اجتماعي يهتم بالدراسات المستقبلية وعبور الإنسان وتعديل بنيته وتحسينها وإدخال تجهيزات تكنولوجية لجسده، وهذه أخطر فكرة في العشرين سنة الماضية كما يصفها فرانسيس فوكوياما صاحب كتاب نهاية التاريخ وكتاب الإنسان الأخير.

إن ظننتم أن هذا الحديث من وحي أدب وأفلام الخيال العلمي فعليكم بالاطلاع على وثيقة أصدرتها وزارة الدفاع البريطانية عام 2021، بمشاركة مع عدد من الدول الأوروبية وعلى رأسها ألمانيا، عنوان الوثيقة:

(التعزيز البشري، فجر نموذج إرشادي جديد، مشروع تداعيات بعيدة المدى).

يتحدث هذا المشروع أو الوثيقة عن تحسين جذري للبنية البشرية تساعد على إحكام جانب الأمن والدفاع، أما جملة «المدى البعيد» في عنوان الوثيقة فحدها التعريفي ثلاثون عاماً. وإن كان التركيز طوال عمر البشرية أثناء الحروب على الآلات العسكرية فهدف هذه الوثيقة تطوير جسد الجندي عبر دمجه مع الآلة، لكن المشكلة التي تواجه وزارة الدفاع هنا ليست المعضلة الأخلاقية، بل ندرة الدراسات النفسية والاجتماعية التي تتناول موضوع التعزيز البشري.

01:11 | 19-11-2025

ما بين الحلم والفيلم!

تُمثّل الأحلام جزءاً لا يتجزأ من التجربة الإنسانية، وهو أمرٌ لا يزال غامضاً بالنسبة للعلم. فما سر هذه التجربة شبه العالمية، والتي لم نتوصل إلى إجماع حول سبب حدوث الأحلام أو معناها، والفيلم حلم جمعي.

إن النظر عن كثب إلى خصائص الأحلام يُظهر أوجه تشابه عديدة مع الأفلام. بدايةً، لغة الفيلم، مثل لغة الأحلام، بصريةٌ بامتياز. والأهم من ذلك، أن الأفلام قادرة على نقل الصور والحركة دون أن تكشف لنا أياً من أهدافها الكامنة: فالمخرج، في تركيبه للفيلم، يتصرّف مثلما تتصرّف أدمغتنا، مستخدماً مواد مألوفة نوعاً ما بتقدير فني كبير.

إن الطابع البصري للأفلام يُمكّنها أيضاً من التلاعب بالرمزية، إذ تُعرض أحياناً بشكل متكرر لتأكيد أهمية معينة، أو تُخفيها أحياناً أخرى عن الأنظار للتنبؤ بأحداث لاحقة. يمكن جعل الرموز في الأفلام عادية وغير مُزعجة، ولا تُفهم أهميتها تماماً إلا بعد فترة طويلة من مشاهدة الفيلم، وهو ما يُشبه استخدام الأحلام للرموز العادية لإخفاء رسائل كامنة.

وعلى الرغم من عدم تماسك الأحلام في أغلب الأحيان، لكنها مثل الأفلام تتميّز بالتقدّم للأمام: فهناك شعور بمرور الوقت أثناء الحلم. ولهذا السبب، نادراً ما تستحضر الأعمال الفنية الثابتة مثل الصور الفوتوغرافية للتشبيه بالحلم.

والأفلام والأحلام في جوهرها مجرد أوهام ليس لها أي تأثير خاص على الواقع.

الأحلام زائلة - مهما حاولنا، لا سبيل لإعادة إنتاجها. لكن الأفلام دائمة، وقابلة للمشاركة. استغرقت البشرية آلاف السنين لتبتكر تقنيةً كافيةً لطبع غرائزنا الأصيلة، حتى نتمكّن من تحليلها، وإحيائها، ومشاركتها في وعي جماعي، والذكي من يستغل الأفلام في بناء قوة ناعمة تخدم أهدافه.

00:03 | 12-11-2025

الرواية الرقمية

القصة أداة وجودية، فهي تضفي للوجود معنى وعبرها تتناقل الخبرات الإنسانية، فالقصة والأسطورة جند من جنود الله، والقرآن كتاب يحوي «أحسن القصص» ومجمع المعجزات السردية، ومنذ فجر حكايات الجدات وحتى عصر الرواية الحديثة، كان جوهر السرد إجابة لثلاثة أسئلة: ما القصة؟ ومن يرويها؟ ولماذا يقصها؟.

واليوم في عالمنا الرقمي نشهد على السرد التفاعلي والميتاسرد الذي يجعلنا أكثر من متلقين بل نحن جزء من القصة.

فالراوي العليم التقليدي أصبح خوارزميات ذكية موزعة.

السرد التقليدي عند ديفيد هيرمان هو: «طريقة لتنظيم التجربة البشرية في شكل متسلسل من الأحداث، يقدم إحساسًا بالتماسك والمعنى».

وهو بهذا المعنى ليس حكرًا على الأدب، بل يشمل الصحافة والعلوم والتاريخ...

أما السرد الرقمي فهو استخدام الوسائط الرقمية كالنص والصورة والصوت والفيديو في بناء القصة.

فهو سرد يتجاوز النص المكتوب ليصبح متعدد الوسائط قائم على التوليد والتفاعل.

فالقصة التي كانت مغلقة صارت قصة مفتوحة، ولم يعد مؤلفها واحدًا بل متعدد: هو المؤلف والجمهور والخوارزميات.

والقصة العابرة للمنصات تتوزع في لعبة فيديو وفيلم وأغنية... ويستطيع المستخدم أن يغيّر سيناريو الأحداث ومصائر الأبطال، بمعنى أن الراوي العليم نزل من عرش إبداعه وصار راويًا متعدد الأكوان، يعرف كل شيء، وهذا يعني أن الراوي العليم لم يغب لكنه فقد سلطته الأحادية وأصبح أشبه بالشبكة السردية، التي لا تعرف للقصة مسارًا واحدًا بل تعرف كل المسارات الممكنة للقصة.

يبدو أنه لا بأس بأن نسلم أنفسنا لراوي الأكوان المتعددة، لكن لدي مأخذ أخلاقي واحد على الأقل يخص هذا الراوي وهو أنك كمستخدم لو راجعته وأبديت إعجابك بعمله فسيطريك ويكيل لك المديح ويعترف بفضلك، وإن قلت أنه أخطأ وعمله لم يعجبك فسيعتذر عن الخطأ ويبجلك ويثني عليك كذلك.

فلو كان الراوي الرقمي الذكي هذا شخص بيولوجي بلحم ودم لما كان له صفة أشد وضوحًا من كونه منافقًا كبيرًا.

00:17 | 5-11-2025

زوجات مخلصات

يقال إن أحد الملوك الألمان والذي يدعى كونراد الثالث حاصر مدينة واينسبرغ الألمانية لكن المدينة صمدت طويلاً أمام الحصار، وكانت بسالة رجال المدينة ودفاعهم عن مدينتهم سبباً رئيساً في أن الملك كونراد استشاط غضباً؛ لذا قرر أن يدمر المدينة ويهدم بيوتها بعد أن ينتصر في معركته الطويلة، وهذا ما كان، انتصر الملك ولكنه قرر أن يكون نبيلاً مع النساء والمساكين ويخرجهم من المدينة قبل تدميرها؛ لذا نادى المنادي أن على كل امرأة أن تخرج من المدينة قبل إزالتها ولها أن تحمل شيئاً واحداً فقط من ممتلكاتها على ظهرها قبل الخروج، بالطبع كان يظن الملك أن نساء المدينة سيحملن ما غلا ثمنه وخف وزنه من متاع مثل الذهب أو الممتلكات المادية، لكن المشهد الأسطوري حدث في صباح اليوم التالي، حين خرجت كل امرأة من باب المدينة وهي تحمل زوجها المقاتل الباسل على ظهرها وتغادر واينسبرغ، هذا الأمر جعل الملك يكبر إخلاصهن ولم يمنعهن من الخروج وإنقاذ أزواجهن.

وهكذا نجا رجال واينسبرغ - ليس بالجيوش أو الأسلحة، بل بحب زوجاتهم وإخلاصهم.

تركت قصة زوجات واينسبرغ المخلصات أثراً لا يُمحى على الثقافة الألمانية. وقد أدى هذا الحدث إلى ظهور مصطلح «وايبرترو» (Weibertreu)، أي «ولاء الزوجات».

لا تزال أطلال قلعة وايبرترو قائمةً أعلى مدينة واينسبرغ، تخليداً لذكرى النساء. وقد ألهمت هذه القصة أعمالاً فنيةً وأدبيةً وتقاليد محلية.

تُبرز هذه الأسطورة موضوع الإخلاص وسرعة البديهة، ولا تزال تُروى حتى يومنا هذا، مُحتفيةً بالإبداع والإخلاص والذكاء الذي حوّل هزيمة عسكرية إلى نصر أخلاقي.

01:12 | 22-10-2025

الحروب التجارية

كيف بنت الأمم اقتصاداتها وحمتها؟ وكيف تعاملت مع الحروب التجارية؟
في بداية الثورة الصناعية تلمع بريطانيا واحدةً من أفضل الدول انتقالاً من الاقتصادات المحلية الزراعية إلى اقتصاد صناعي رعته الدولة، وكانت تفرض تعريفات جمركية وعدداً من العوائق لإجبار المستهلك البريطاني على شراء المنتجات المصنوعة داخل بريطانيا، وهذا ما فعلته الولايات المتحدة وألمانيا بعد ذلك بعقود، وفعلته عدد من دول أمريكا اللاتينية بعد الحرب العالمية الثانية.
أما السياسة التي اتّبعتها دول صناعية أخرى، مثل اليابان وكوريا الجنوبية وتايوان والصين، أنها جمعت، بين الحماية الرسمية أو غير الرسمية لأسواقها المحلية، وصمّمت استراتيجيات ترويج الصادرات الفعّال.
يعتقد الكثير من الاقتصاديين أن خفض حواجز التجارة الدولية، كالرسوم الجمركية أو قيود التصدير، يمكن أن يعود بالنفع على جميع الدول. ومع ذلك، غالباً ما تواجه الحكومات تناقضات سياسية بين زيادة التجارة وحماية الصناعات المحلية.
وعندما تنشأ مثل هذه الصراعات، فإن الحواجز التي تفرضها دولة واحدة قد تدفع شركاء التجارة إلى الرد بقوانين خاصة بهم، مثلما حدث بين أمريكا والصين قبل أعوام، مما أدّى إلى تصعيد متبادل وتصريحات نارية، وهذا ما يُعرف باسم الحرب التجارية.
طوال فترة الحرب الباردة وما بعدها، كان يُنظر إلى الولايات المتحدة في كثير من الأحيان على أنها صانعة التجارة الحرة، وقادت الجهود الرامية إلى إنشاء منظمة التجارة العالمية في عام 1995. ولكن مثل العديد من البلدان الأخرى، انخرطت الولايات المتحدة بشكل دوري في حروبها التجارية الخاصة، سواء في الآونة الأخيرة أو في الماضي.
مرة قرأت عبارة لمحامٍ اسمه روبرت هوديك وهو يعمل قانونياً في قضايا التجارة الدولية، قال: «إن القانون الاقتصادي الدولي له بعد مسرحي سياسي». وهذا الحديث مفهوم لكن النقاد عادةً يقولون إن الرأي الفصل حول أي مسرحية هو ما يطلقه الجمهور وليس الممثلون.
01:06 | 15-10-2025

الطبيعة تكره الفراغ

مايسمى «رعب الفراغ» هو ماجادل به أرسطو فقال:

(في الفراغ، لا أحد يستطيع أن يتساءل لماذا يتوقف شيءٌ ما، بعد أن بدأ بالحركة، أو في أي مكان يتوقف، فلماذا يتوقف هنا بدلًا من هنا؟ إذًا، إما أن يكون الشيء ساكنًا أو متحركًا إلى ما لا نهاية، ما لم يعترض طريقه شيءٌ أقوى منه).

أرسطو، الفيزياء، الكتاب الرابع، القسم الثامن.

بعبارة أخرى، اعتقد أرسطو أنه لو وُجد فراغ حقيقي، لما كان للأجسام داخله ما يُبطّئها أو يُحافظ على حركتها. إما أن تتحرك بسرعة لا متناهية أو لا تتحرك إطلاقًا، وهو ما يتناقض مع سلوك الأشياء في العالم المادي.

عندما لاحظ أرسطو أن «الطبيعة تكره الفراغ»، كان يصف العالم المادي: كيف يندفع الهواء والماء لملء الفراغ. يؤكد العلم الحديث أن وجود فراغ حقيقي يكاد يكون مستحيلاً، لأن المادة والطاقة تتحركان دائمًا لاستعادة التوازن.

لكن لهذه العبارة معنى أعمق. وكما قال أحد الكُتّاب: «لن ترضى النفس البشرية بالفراغ. إن لم نملأها بالخير، فسرعان ما ستمتلئ بالفراغ». وكما تقاوم الطبيعة الفراغ، كذلك تقاومه عقولنا وقلوبنا. فالمساحة في داخلنا لن تبقى فارغة طويلًا، بل تدعو شيئًا ما للدخول، سواءً كان مفيدًا أو ضارًا.

عندما ينفتح فراغ في الحياة -نتيجةً للخسارة أو التغيير أو الانتقال- سيتحرك شيءٌ ما لا محالة لملئه. إذا أهملناه، فقد تستحوذ عليه عاداتٌ غير صحية، أو تأثيراتٌ سامة، أو ندم، أو يأس. لكننا لسنا عاجزين: بإمكاننا اختيار ما ينفع. لا شيء يدوم، لكن فعل الاختيار يمنحنا ملكية ما يملأ حياتنا.

وكما يقال: «الحب هو السر الذي يملأ كل الفراغات، والذي يشفي كل الجراح، والذي يعطي معنى لكل الوجود».

فإن لم تختر، فإن الحياة ستختار لك. إدراك هذه الحقيقة يعني المشاركة في حكمة الطبيعة، أن نملأ فراغات حياتنا لا بالضجيج أو التشتيت، بل بما يبهجنا ويفيدنا.
00:08 | 8-10-2025

اليوم العالمي لكبار السن

الأول من شهر أكتوبر الموافق لتاريخ اليوم (الأربعاء) هو اليوم العالمي لكبار السن.

مع تغيّر أنماط الحياة العصرية، يفتقر كبار السن في العديد من دول العالم إلى الدعم والتعاطف من أفراد المجتمع. وتُلاحظ، في بعض الحالات، انتهاكات لحقوقهم. لكن بفضل الله هذه الانتهاكات قليلة في بلادنا، فكبار السن لدينا رواة لتاريخنا الوطني، ومن الرائع الاستماع إلى قصصهم والتعلّم منها.

إلى جانب أنهم كنزٌ من الحكمة والأشعار وتجارب الحياة الواقعية. إنهم من عايشوا قسوة الحياة، وشهدوا وفعلوا الكثير لوطنهم، ومن يعلموننا الكثير عن الحياة؛ ولأن ديننا الحنيف سبق جميع خطابات وقوانين حقوق الإنسان لذا نهتم برعايتهم والتعلم منهم.

ولطالما كانت مسألة دور المسنين والرعاية المناسبة لهم موضوعاً مثيراً للاهتمام. في رأيي، تقع على عاتق الأسرة مسؤولية رعاية كبار السن عند كبرهم. بعد ذلك، ينبغي على الحكومة والمجتمع اتخاذ خطوات لضمان حصول كبار السن ودور المسنين على الرعاية اللازمة لحياة صحية. لقد كرّس كبار السن حياتهم لعائلاتهم، فقد ربوهم ودعموهم ومكنوهم من العيش في المجتمع، وغرسوا فيهم القيم والشجاعة والدافع لمواجهة جميع الصعاب. لذا، عندما يكبرون ويحتاجون إلى الدعم المعنوي والمادي، تقع على عاتق الأسرة مسؤولية الوقوف بجانبهم، وتقديم الاحترام والحب والرعاية لهم كما قدموها لهم عندما كانوا يعتمدون عليهم.

بالإضافة إلى ذلك، قد تعجز الأسرة في بعض الأحيان عن رعاية كبار السن، مثل المشاكل المالية أو عدم وجود أحد في الأسرة. في هذه الحالات، أقترح أن تتحمل الحكومة مسؤولية تغطية نفقاتهم. ذلك أفضل من وضعهم في دور الرعاية.

01:15 | 1-10-2025

الاعتراف بدولة فلسطين

تحرّك سياسي قاده الأمير محمد بن سلمان أسفر في تمام لحظته التاريخية غير المسبوقة عن اعتراف مجموعة من الدول الغربية بدولة فلسطين، وكثير من هذه الدول كان حليفاً لإسرائيل سابقاً، الاعتراف بدولة فلسطينية لا يُعدّ اعترافاً رمزياً بل هو خطوة مهمة قد تترتب عليها عواقب وخيمة لإسرائيل في المستقبل.

لطالما انتهكت إسرائيل القانون الدولي باستعمارها الفعلي لأراضٍ خارج الحدود المعترف بها دولياً. وكانت الدول الغربية تغض الطرف عن هذه القضية طالما كان حل الدولتين لا يزال ممكناً، حتى وإن كان احتماله يتراجع بشكل متزايد. اعتراف الدول الغربية بدولة فلسطين يعني أنها تعترف بأن إسرائيل كيان معتدٍ. وهذا يعني إضعاف تحالفها المستقبلي مع إسرائيل، ولعل فيه كذلك تمهيد لفرض عقوبات دبلوماسية واقتصادية على إسرائيل.

عالماً، تزداد عزلة إسرائيل؛ بسبب انكشاف عورتها في غزة وكذلك بسبب تحركات الأمير محمد بن سلمان المباركة التي أجاد من خلالها اقتناص لحظة تاريخية حرجة في تاريخ الأمتين العربية والإسلامية.

وقد خلصت الأمم المتحدة، بالإضافة إلى العديد من المنظمات غير الحكومية، إلى أن إسرائيل ترتكب إبادة جماعية بحق الشعب الفلسطيني.

وعلى الصعيدين الأخلاقي والدبلوماسي، تضررت سمعة إسرائيل بشدة، إذ يُنظر إليها بشكل متزايد على أنها دولة منبوذة. وقد اتُخذت بالفعل بعض القرارات لوقف التعاون العلمي أو الثقافي مع إسرائيل. وقد تصبح دعوات مقاطعة الشركات الإسرائيلية أكثر تأثيراً، مما قد يمنع الشركات العالمية مستقبلاً من الاستثمار في إسرائيل.

إضافةً إلى ذلك، تخوض حكومة نتنياهو حرباً متصاعدة على جبهات متعددة. القوة العسكرية لإسرائيل لا خلاف عليها، لكنها تعتمد اعتماداً كبيراً على دعم الولايات المتحدة.

وتشهد إسرائيل احتجاجات حاشدة ضد إستراتيجية الحكومة. على المدى البعيد، قد يُسبّب عدم الاستقرار مشاكل متنوعة، وقد يُصعّب هذه المشاكل فقدانها الحلفاء الذين كسبهم الأمير محمد بن سلمان لجانب القضية الفلسطينية.

00:36 | 24-09-2025

مصطلح الجنوب العالمي

الجنوب العالمي، ذلك القوس الشاسع من العالم الممتد من أمريكا اللاتينية إلى جنوب شرق آسيا وجزر المحيط الهادئ. وطبعًا يشمل عالمنا العربي.

يشير مصطلح «الجنوب العالمي» إلى البلدان التي غالبًا ما يتم وصفها بأنها «نامية» أو «أقل نموًا» أو «غير متطورة».

يعتبر الجنوب العالمي أعلى في نسبة الفقر وعدم المساواة في الدخل، وظروفه المعيشية قاسية مقارنة بـ«الشمال العالمي».

استخدم مصطلح «الجنوب العالمي» لأول مرة في عام 1969 من قبل الناشط السياسي كارل أوجليسباي، الذي زعم أن الحرب في فيتنام تمثّل تاريخًا من «هيمنة الشمال على الجنوب العالمي».

قبل سقوط الاتحاد السوفييتي في عام 1991، كان يشار إلى هذه الدول عادة باسم «العالم الثالث».

لقد تم انتقاد ثنائية الشرق/‏الغرب وتصنيف الدول على أنها متقدّمة/‏نامية لأنها تؤدي إلى إدامة الصور النمطية وتفضيل المثل الغربية.

لكن هل استبدال هذه التصنيفات بمصطلح جديد يغير من الأمر شيئًا؟

لا أفهم الهوس الغربي بتصنيفنا. إن كانت النتيجة واحدة.

إن هؤلاء السياسيين والمحللين يضعون نصف البشرية في سلة واحدة، لا ينطوي المصطلح على عيوب تحليلية عميقة فحسب، بل يُمثّل أيضًا عقبة أمام التفاعل الجاد مع العالم غير الغربي، ولن تزول هذه الفكرة/‏ الوهم عن عالم جماعي غير غربي وهو عالم كبير جدًا، وشديد التباين.

لماذا لا يكونون أكثر دقة ويضيفون قليًلا من الكلمات لمصطلحاتهم فإذا كانوا يقصدون أفقر عشرين دولة في العالم، فلماذا لا يقولون: الدول العشرين الفقيرة في العالم، وليس دول الجنوب العالمي. وإذا كانوا يقصدون الدول المتخلفة تكنولوجيًا، فلماذا لا يقولون ذلك وليس دول العالم الثالث. أما إذا كانوا يقصدون القوى الاستعمارية السابقة الغنية من أوروبا الغربية، فلماذا يقولون «دول الشمال العالمي».
01:19 | 17-09-2025