القبلية في أبسط تعريفاتها عندي، هي ولاء وانتماء الفرد لجماعة، أما القبيلة الثقافية فهي تعني تقسيم المجتمع إلى مجموعات تتحد بنمط تفكير أو سلوك مشترك أو محدد.

وفي عصرنا الحاضر ما زال الإنسان يحب العيش داخل جماعة؛ لذا يشجع الأندية الرياضية، وينتمي للفرق حتى تكاد أن تصبح هويته التي يصف بها نفسه في كثير من المناسبات فيقول إنه: هلالي أو نصراوي أو اتحادي أو أهلاوي.. إلخ

وسيعاقب الدخلاء والغرباء، ويضحّي بوقته وماله، وقد تصل التضحية لحياته في مقابل فوز فريقه وانتصار جماعته.

المثال أعلاه ينطبق على طيف واسع من الجماعات والانتماءات داخل المجتمع، صحيح أن هذه القبيلة تمنحك الولاء والانتماء، لكنها قد تسلبك حرية التفكير واتخاذ القرارات، إن لم تكن واعياً أو أنها ستدخلك داخل (غرفة الصدى).

أحد أشكال القبيلة الثقافية نشاهده في جماعات مواقع التواصل الاجتماعي الذين يدخلون غرفة الصدى واحداً تلو الآخر، يكتب أحدهم رأياً فتجد الأغلبية يرددون صدى أفكاره. وإن كتب شخصاً آخر رأياً آخر فسيعاقب وينبذ ويسخر منه.

وهذا الأمر خطير؛ لأن غياب الحوار وقبول الآراء المختلفة يغتال البدائل الصحيحة التي من الممكن أن تكون تصويباً لرأي خاطئ.

وعادة ما تميل المجتمعات التي تكتفي بآراء محددة لفترة طويلة إلى التحوّل من الاعتدال إلى التطرّف. وفي النهاية، تظهر معتقدات هامشية خطيرة للغاية، معتقدات قد تؤدي إلى العنف.

ومع ذلك، النزعة القبلية بجميع أشكالها لا تُزعزع استقرار المجتمع إلا عندما تتصلب لتصبح شيئاً أكبر وأكثر حدة من ولاءاتنا المتعددة الأصغر حجماً، أو عندما تُنافس تعلّقنا بالأمة والوطن.