-A +A
رامي الخليفة العلي
تعرضت منطقة جنوب تركيا وشمال غرب سوريا إلى زلزال مدمر بلغت قوته على مقياس ريختر 7.9، وحتى كتابة هذه الكلمات ما تزال عمليات الإنقاذ جارية لانتشال الضحايا، حيث تتوقع السلطات الصحية في تركيا أن يبلغ عدد القتلى الآلاف، بينما عدد الجرحى بلغ عشرات الآلاف. أما في سوريا فإن الوضع أكثر كارثية فهناك بعض القرى الواقعة بالقرب من الشريط الحدودي مع تركيا تحولت إلى أثر بعد عين، وبلغ الدمار مدينة حلب أكبر المدن السورية في الشمال، حيث نقلت وسائل التواصل الاجتماعي صور المباني وهي تنهار بعد سويعات قليلة من الكارثة. الزلزال المدمر والتاريخي، الذي لم تشهد تركيا له مثيلاً في شدته منذ عام 1939 من القرن الماضي، لم يعترف بالحدود السياسية وإنما جعل المأساة تشمل تركيا وسوريا على السواء من حيث التدمير، ولكن الوضع في سوريا أخذ أبعاداً أكثر مأساوية بالنظر إلى خصوصية الحالة السورية نتيجة الحرب وما أفرزته من واقع عسكري وسياسي واجتماعي معقد للغاية. المأساة السورية بدأت قبل الزلزال حيث تعرضت سوريا؛ سواء مناطق النظام أو مناطق المعارضة أو حتى مناطق قسد، إلى أزمة اقتصادية خانقة جعلت هناك صعوبة في الحصول على المواد الأساسية كالمحروقات والكهرباء والماء الصالح للشرب والمواد الغذائية الأساسية، وكل هذه المواد إن توفرت فتكون بأسعار حارقة لا يحتملها المواطن البسيط مما أفرز فئات اجتماعية تعاني من الجوع حرفياً. أما مع كارثة الزلزال فقد بدأت أوضاع كارثية تبدأ من افتقار الدفاع المدني في مناطق المعارضة إلى البنية التحتية وإلى الوسائل التي تمكنها من رفع الأنقاض وكذا انهيار النظام الصحي الذي يسمح بمعالجة المصابين وإنقاذ حياة كثير من هؤلاء. بالمناسبة في هذه الحالة لا تختلف مناطق سيطرة النظام إلا في مسألتين؛ الأولى أنها أقل تضرراً باعتبارها مبتعدة عن مركز الزلزال باستثناء مدينة حلب، المسألة الثانية أن النظام لديه إدارة مركزية تسمح بتنسيق أفضل لعمليات الإنقاذ. الأزمة الأكبر هي تقطع أوصال الوطن المدمى، فهناك تعدد في السيطرات ومناطق النفوذ والتحرك من منطقة لأخرى مسألة في غاية الصعوبة وأحياناً الاستحالة. كثير من الدول مستعدة لتقديم يد العون ولكن هناك واقع سياسي عليها أن تتفاعل معه، فكثير من التي لديها إمكانيات لا تتعامل مع النظام السوري أو دخولها إلى الأرض السورية مسألة صعبة بما فيها تلك المناطق التابعة للمعارضة. المواد الغذائية والأغطية والخيام ثم مساعدات تمكن من بقي على قيد الحياة أن يعيش في ظروف آدمية، كل هذا مطلوب خلال الفترة القادمة ونرجو أن يكون هناك تضافر دولي لإيجاد آليات تمكن من مساعدة السكان في المناطق الأكثر تضرراً.

سوريا قبل هذه الكارثة تعاني من تهتك بلغ أوجه، وعدو الشعب السوري هو من يحاول الإبقاء على هذا الوضع الكارثي. والمجتمع الدولي كله مسؤول فقد جلس يتفرج على المآسي وهي تتكرر على هذا الشعب المظلوم. الإغاثة الأولى المطلوبة هي الخروج من هذا الوضع السياسي والاقتصادي والاجتماعي الكارثي الذي تعيشه سوريا الجريحة، بل سوريا المذبوحة من الوريد إلى الوريد.