-A +A
أحمد الجميعة
تفاوت دخل المواطنين في أي مجتمع موجود، وبنسب متفاوتة، ولا يمكن استثناء أي دولة من هذا التفاوت، بما في ذلك دول مجموعة العشرين التي تُعد من أقوى اقتصاديات العالم، والتي تظهر أرقام دول مثل أمريكا والصين والهند وفرنسا وبريطانيا وغيرها هاجساً متنامياً لحجم التفاوت بين عام وآخر، وتحديداً مع ارتفاع معدلات التضخم، والتباطؤ الاقتصادي، والتغيّرات المتسارعة في سوق العمل الذي تمثّل الوظيفة فيه أحد أهم مصادر الدخل، ولكن معالجات هذه الدول لهذا التحدي تنطلق من فلسفة عميقة واحدة، وهي مثل ما هناك دور على الحكومات لمعالجة تحديات الدخل؛ هناك أيضاً فرص أمام المواطنين لتحسين دخلهم.

نحن في المملكة جزء من هذا العالم، ونواجه هذا التحدي بذات الفلسفة، ولكن برؤية مختلفة يكون فيها المواطن أولاً، حيث تترأس وزارة الاقتصاد والتخطيط فريقاً حكومياً لدراسة دخل المواطنين المناسب، بما يضمن توازن توزيع طبقات المجتمع في تفاوت الدخل، وإعداد السياسات والبرامج لتحقيق ذلك، كما تترأس وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية أعمال منظومة الدعم والإعانات الاجتماعية، حيث قامت بدراسة جميع المخاطر التي تحيط بدخل الفئات المحدودة بالمجتمع (الفقراء، المعاقين، كبار السن، الأيتام، العاطلين، ذوي الدخل المحدود)، وتم تصميم عدد من برامج الدعم والرعاية الاجتماعية لهم بعشرات المليارات سنوياً، بما يسهم في تحسين دخلهم، ومنها: برنامج حساب المواطن، وبرنامج الضمان الاجتماعي المطور، وبرنامج دعم ذوي الإعاقة، وبرنامج دعم الأيتام، ونظام كبار السن، إلى جانب تطوير سياسات الحد الأدنى للأجور، وأنظمة العمل الحر والمرن وعن بُعد، ونظام التخصيص الذي يسهّل الاستقطاب من الجهات الحكومية إلى القطاع الخاص، ويجتذب الكفاءات ويوفر المزيد من الفرص للتحسين، وفي مقابل هذه الجهود هناك أيضاً برامج القروض الحسنة للبنوك والصناديق الوطنية التي تساهم في توجه الكثير من الأسر والشباب للعمل التجاري الخاص لتعزيز اقتصادياتهم.


اليوم مثل ما تعمل الحكومة لتحسين دخل المواطن، هناك أيضاً فرص كبيرة أمام المواطنين لتحسين دخلهم، وحجم المشروعات والفعاليات والأنشطة الاقتصادية المتعددة والمتنوعة في المجتمع كفيلة بذلك، واستثمار هذه الفرص هو الدور المكمل للدور الحكومي في التحسين، حيث تبقى القناعة راسخة من أن المواطن يملك الكثير من العمل ليقدمه، والإبداع والتميّز لينافس فيه، والشواهد كثيرة على تواجد السعوديين في كل مكان، ويواصلون رحلتهم كل يوم بحثاً عن الأفضل، وهذا بحد ذاته كافٍ لمقومات الاعتماد على الذات لتحقيق الطموحات، وكلنا ثقة بذلك.