-A +A
حمود أبو طالب
ترك الغرب الذي جاء بالخميني والخمينية الشعب الإيراني في مواجهة مستقبل مجهول محفوف بالمخاطر اتضحت ملامحه لاحقاً بأنه ليس مستقبلاً متطوراً كالذي تتطلع له بقية شعوب العالم عندما يحدث تغيير في أنظمتها وإنما انتكاسة مريعة إلى الخلف وتدمير لكل المنجزات الحضارية التي كانت موجودة ومصادرة الحريات وتحويل إيران إلى سجن كبير تتحكم فيه دائرة المرشد وفريقه، ثم بدأ المشروع الأخطر الذي أوكلت مهمته إلى الحرس الثوري بتأسيس وكالات النظام خارج إيران لتصدير الثورة شكلاً، وتمدد النفوذ وإحداث الفوضى وتنصيب وكلاء للهيمنة على المحيط العربي كمشروع إستراتيجي يراود المخيلة الإيرانية منذ زمن قديم.

تخلى الغرب عن الشعب الإيراني، وخذل الشعوب التي سلم أوطانها إلى وكلاء إيران، وسكت عن العربدة التي يقوم بها النظام الإيراني في دول الإقليم، وممارساته القبيحة الخطرة في كثير من بلدان العالم. وقفوا متفرجين على القمع الممنهج للشعب الإيراني وعلى الفوضى المصدرة من نظامه إلى الخارج لأكثر من أربعة عقود إلى الآن. يتفاوضون معه على السلاح النووي ويقايضونه تحت الطاولة ويغمضون عيونهم عن جرائمه داخلياً وخارجياً لمصالح إستراتيجية تهمهم في بقائه موجوداً بهذا الشكل.


الكلام الذي يقوله أي مسؤول غربي بعد خروجه من مكتبه لا يفيد الشعب الإيراني ولا المنطقة، مثل الكلام الذي وصف به مايك بومبيو وزير خارجية ترمب إيران في كتابه الأخير وأشرنا إليه يوم أمس، فقد قال حرفياً: «النظام الإيراني في الواقع جماعة إرهابية». حسناً يا سيد بومبيو، ألستم القوة العالمية الكبرى التي تواجه الإرهاب، لماذا لم تقتلعوا هذه الجماعة الإرهابية الإيرانية، بل لماذا لم تجرؤوا على تصنيفها كذلك منذ نشأتها، ولماذا تتعاملون معها كدولة وتتفاوضون معها وترضخون لمطالبها أحياناً، وأنتم تعرفون جيداً أنها مطالب من شأنها الضرر الكبير والخطر الداهم على الآخرين. لماذا لا تقولون الحقيقة إلا بعد خروجكم من كراسي الحكم. لماذا لا تهبط عليكم المصداقية والشفافية إلا بعد ابتعادكم عن المسؤولية المباشرة.

حسناً يا مستر بومبيو، دعنا نسأل سؤالاً افتراضياً: لو دخلتَ الانتخابات الرئاسية القادمة وفزت بالبيت الأبيض هل ستتمسك بتصنيفك للنظام الإيراني بأنه منظمة إرهابية، أم ستختلف الحسابات مرة أخرى، ونتأكد للمرة الألف أنه مضحوك علينا أمريكياً، أي كل الدول المتضررة من النظام الذي وصفته بذلك الوصف.