-A +A
عبداللطيف الضويحي
مضى زمن كنا فيه نتقي أشعة الشمس الحارقة بظلال النخيل، وكنا نتقي الرياح الشديدة بشجر الزيتون، حينذاك لم يدُر في خُلدنا أن الرياح الشديدة وأشعة الشمس الحارقة تلك ستصبح فيما بعد ما يسمى «طاقة متجددة»، ولم نتخيل أن تكون «الرياح» و«أشعة الشمس» أعظم كنوز الطاقة ومصادرها الصديقة للبيئة والمناخ، ناهيك عن أن تصبح منطقة الجوف مركزاً ريادياً متقدماً لطاقة الرياح والطاقة الشمسية من خلال محطتين رياديتين: إحداهما للطاقة الشمسية في مدينة سكاكا، والأخرى لطاقة الرياح في دومة الجندل بجانب بعض المحطات في مدن أخرى. حيث تبلغ الطاقة الإجمالية لمشروع سكاكا للطاقة الشمسية الكهروضوئية في الجوف ومشروع دومة الجندل لطاقة الرياح في الجوف 700 ميجاوات.

بشكل متسارع أصبح هذا القطاع حيوياً وإستراتيجياً لاعتبارات كثيرة محلية وعالمية منها الاقتصادية والمناخية والبيئية. ففي المملكة ومحلياً، هناك مستهدف يرمي لقيام سوق وطنية تنافسية للطاقة المتجددة تستند إلى صناعات جديدة لتقنيات هذا القطاع، تؤازرها استثمارات ضخمة وشراكات كبيرة بين القطاعين العام والخاص، انطلاقاً من رؤية المملكة 2030، حيث انبثق البرنامج الوطني للطاقة المتجددة وحيث أصبح مبادرةً إستراتيجية بهدف زيادة حصة المملكة من الطاقة المتجددة التي تتصف بالاستدامة، لتَحُدُ من الانبعاثات الضارة بالبيئة والمناخ والمستمدة من المصادر الطبيعية، التي تتجدد ولا تنفد مثل الرياح والمياه والشمس، وحيث أصبحت مستهدفاً تتنافس الدول على تحقيقها والاستثمار فيها حاضراً ومستقبلاً، حيث أصبح أحد المستهدفات أن يصل استهلاكنا من الطاقة المتجددة 50% في عام 2030.


من هنا، تجري الاستعدادات على قدم وساق لتدشين وانطلاق أول معرض للطاقة المتجددة في 23 من هذا الشهر في منطقة الجوف برعاية صاحب السمو الملكي الأمير فيصل بن نواف بن عبدالعزيز أمير منطقة الجوف، والذي تنظمه وتشغّله مشكورة الغرفة التجارية في منطقة الجوف تحت عنوان معرض الطاقة المتجددة #طاقة_مستدامة.

يهدف المعرض لرفع الوعي في المجتمع بأهمية الطاقة المتجددة والاستعداد للتحولات في هذا المجال، بجانب التحفيز وتشجيع الاستثمارات في مجال الطاقة المتجددة كميزة نسبية تضاف للميزات النسبية التي تتمتع بها المنطقة. فمن المقرر أن تُعقد العديد من البرامج والورش التدريبية تستهدف 4000 آلاف مشارك، كما يرجح أن يصل عدد الزوار إلى عشرة آلاف زائر يومياً.

نتطلع أن يترك هذا المعرض بصمة ملموسة بخفض نسب البطالة في المملكة بشكل عام وفي منطقة الجوف على وجه التحديد وذلك من خلال توسيع دائرة الاستثمارات في هذا القطاع والذي يسهم بلا شك برفع نسب التوظيف فيه.

أتمنى أن يتم تفعيل دور إدارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية في منطقة الجوف وتنشيطها ليستفيد أبناء المنطقة من تبني وتفعيل برنامج التوطين المناطقي والذي أطلقته مشكورة وزارة الموارد البشرية، حيث يمكن الاستفادة من تجربة منطقة المدينة المنورة في هذا السياق. بجانب أهمية دور إدارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية في الجوف لتواكب الاقتصادات الحقيقية في منطقة الجوف، بالاستفادة من البرامج والمبادرات التي أطلقتها وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية. فالجوف كسائر مناطق المملكة تحتضن موارد طبيعية، من المهم أن تنعكس على الموارد البشرية تهيئةً وتعليماً وتدريباً وتمكيناً، بدءاً بالزراعة والصناعة والسياحة والطاقة. ومن المهم أن تنخرط في هذا المشروع الجامعة والمعاهد التدريبية والصناديق الحكومية والمكتب الإستراتيجي للمنطقة.