-A +A
عبده خال
في القروبات ومواقع التواصل الاجتماعي تلاحظ أن الخطاب الديني المتشدد لازال يواصل استعادة الروح، من خلال رسائل مشفرة لا يقف عليها إلا الذي درج على تلك الخطابات ومعرفة الهدف من الرسالة والإرسال.

والفكر المتشدد لا يزول بين ليلة وضحاها، كونه تشكّل عبر سنوات طويلة في حضانة ورعاية ودعم دائمين.


ومشكلة المتشدد يقينه أنه في الموقع الصائب من الحياة والناس، وتتضاعف المشكلة كون الشخص المتشدد لا يقرأ بتوصية من شيوخه، ويظل في حالة اجترار للمعلومات التي استقاها سمعياً وإن قرأ فإنه لا يقرأ إلا في دائرة مغلقة تسهم في إبقائه في حالة اجترار.

والمشكلة الأخرى أن هذه الفئات تتواصل لزيادة نسخ المتشددين، فمن يلقي عليهم الدرس مهمته المحافظة على عقول مرتاديه مغلقة، وهذا التناسخ تجده في حياتك اليومية من خلال الخطاب الواحد، واعتبار الآراء الأخرى ماهي إلا فخاخ يتنادون بعدم الوقوع فيها، سواء قراءة أو مشاهدة، يلتزمون بالتخفيف عن بعضهم البعض بأن الماسك على دينه كالقابض على الجمر.

وإن ظهر عالم مستنير سارعوا إلى كيل التهم له، واعتبار آرائه تجديفاً في دين الله، تجديفاً يسعى من خلاله إلى الوصول لتكسير الثوابت..

هذه الفئة سوف تناضل في الزمن القادم على استعادة مجدها الذي كان، والذي لن يعود..

المشكلة التي ولّدها تناسخ تلك الشخصيات المتشددة ظهور شباب كفروا بكل شيء وتخففوا من كل شيء، وبين التشدد والانفلات لم توجد جهة تقوم بدور تفكيك الحالة المتشددة واستعادة الحالة المنفلتة، إذا إن بين الحالتين فراغاً يعاني من فقر أو شح بمن يمسك بزمام الحالتين، والجيل السابق تحصّن جيداً بفعل الزمن ومرور أنواع التشدد فعرف ما كان غائباً عنه وقت بث ذلك التشدد، والأسف الكامل ينصب على انفلات بعض الشباب كونهم لم يجدوا من يجيب على أسئلتهم الوجودية، ولم يجدوا سوى تحريم كل شيء حتى الأفكار غدت محرمة.

مرة أخرى إن تناسخ المتشددين لايزال سارياً، وإن كانوا في حالة كمون في الوقت الراهن إلا أنهم أشبه بالجمر تحت الرماد.