-A +A
عقل العقل
تغريدة قرأتها وأعدت قراءتها والتعليقات عليها، والأغلب مؤيدون لصاحب التغريدة وما ذهب وقرر فيها من أخلاق تلك المرأة من عدمها، يبدأ تغريدته بنداء الحريص على المرأة بابنته الفاضلة بأن زميلك الذي تخرجين معه خارج وقت الدوام للمقهى أو للمطعم لن يرضى بك أماً لأولاده لأنك بنظره.... وختم تغريدته بهذه النقاط التي تحمل معنى يعرفه الجميع وله علاقة بشرف المرأة، وكأن الرجل لا شرف له، ولكن البعض منا لا يزال يرى أن المرأة هي حامية الشرف لهذه الفئة الاجتماعية، أما الرجل فلا عليه حرج إن هو ارتكب المحظورات الاجتماعية، أعتقد أن هذه النظرة للمجتمع وعلاقات أفراده مع بعض تغيرت بشكل قوي وإيجابي، وهذا لا يعني أن هناك شواذ عن هذه النمطية الاجتماعية، الأكيد أن قوى الإنتاج الحديثة في المجتمع سوف تفرض قيمها الجديدة التي ليس بالضرورة أن يتوافق أغلب المجتمع معها أو يقرها وقد ينفر منها ويدخلها في باب العيب والمحظور الاجتماعي، وهذا طبيعي جداً، فمن المحال أن يبقى حال المجتمع بعاداته وقيمه ثابتاً لا يتغير، قد يكون في العقود الماضية مررنا بهذا الجمود الاجتماعي والمنافي للتغير الاجتماعي لكل المجتمعات، وكان ذلك السكون ليس بالضرورة اختياراً اجتماعياً حراً، ولكن هناك قوى ضاغطة حاولت لسنوات أن يبقى المجتمع على حالة واحدة، وكان سلاحها الدين ورؤية ضيقة منه تحرم كل شيء، حتى الحياة والفرح مع التغيرات التي نعيشها الآن وخاصة ما تعيشه المرأة السعودية من حالة تمكين مستمرة وخروجها للعمل، وبداية استقلالها الاقتصادي المدعم بالتشريعات والقوانين أصبحت المرأة عنصراً فعالاً بالمشهد الاجتماعي لم ولن يقره البعض، مثل صاحبنا صاحب التغريدة، وهو توجه فكري مفهوم، مثل هذا الخطاب يلعب على وتر العاطفة وزوجة المستقبل وأم الأولاد، وأنه يستحيل في نظره أن تكون زميلة لزوج المستقبل وأن يكونوا خرجوا لمقهى أو مطعم قبل الزواج، فهذا سلوك مدمر بنظرهم للأخلاق ولا يمكن الثقة بامرأة فعلت ذلك، الغريب أننا نشهد في الأجهزة الرسمية والشركات حضوراً للنساء والرجال في أغلب القطاعات المدنية والعسكرية، والمرأة السعودية اقتحمت هذه الميادين بكل ثقة، وتحضر اللقاءات جنباً إلى جنب مع زميلها الرجل السعودي بالداخل والخارج وعلى أعلى المستويات، ويأتي إلينا من يحاول أن يعيد عقارب الساعة للوراء مستغلاً خطاباً عاطفياً بقضية زوجة المستقبل، أقول ومن معرفة اجتماعية لبعض الشابات والشباب الذين اقترنوا وأصبحوا أزواجاً وزوجات مستقرين في حياتهم الزوجية، كانت نقطة بداية التعارف في أماكن عملهم، فهذه أجيال لها ثقافتها الخاصة التي قد نرى نتائجها أكثر إيجابية من الزواج التقليدي متمثلة في نسب طلاق أقل وأسرة أقل عدداً وأكثر تنظيماً وقدرة على تقديم تعليم نوعي لأطفالها.