-A +A
منى العتيبي
كثر الحديث في هذه الأيام عن السلام الداخلي، وتراكمت مدلولاته، وانتشرت فلسفته حتى أصبح الأغلب يدعي بأنه يعيش سلامًا داخليًا، ولا نعرف بالضبط من صاحب الخراب الخارجي!

السلام الداخلي ليس حالة نفسية عابرة أو لحظية يعيشها الشخص كردة فعل، إنما هي فلسفة عميقة من رأيي يصل لها الشخص حين يمر بتجارب عصيبة تختبر صبره ويقينه وميزان قيمه ومبادئه.


السلام الداخلي ليس دورة تدريبية دفعت للالتحاق بها مبلغًا وقدره مقابل أن تسمع نبرة صوت المدرب التي تصنع منك حمامة سلام في دقائق معدودة قد تتلاشي مع صمت المدرب. ولا هو تأكيدات تينزن غياتسو أو يوغا تمارسها فتخرج زهرة بيضاء، ولا هي فلسفة إيكهارت تول حينما يقر بأن وجود السلام الداخلي يكمن في إدراك الشخص ذاته في أعمق مستوى! لأنني أرى بأن العمق الإنساني أعقد من الإدراك نفسه.

ما يزعجني صدقًا في موضوع السلام الداخلي ليس أن يفهم كلٌّ منا سلامه الداخلي ويصنعه بنفسه؛ لأن هذا هو المعنى الحقيقي للسلام الداخلي.. فلكلٍّ منا حاجاته الشخصية ورغباته ولغته الخاصة الفلسفية مع الأشياء والعالم، ومن حقه أن يصنع سلامه الداخلي كما تمليه نفسه عليه وكما يشعر ويرغب.

ما يزعجني هو تصدر البعض الذين يكادون أن يكونوا الكل؛ ليتحدثوا عن طرق وسبل السلام الداخلي، ويسوقون تجاربهم الخاصة ومشاعرهم الذاتية وحالاتهم وحاجاتهم الخاصة كأدلة قاطعة تحقق السلام الداخلي.. وليس ذلك فقط؛ بل تطور البعض وأصبح يصمم أحاديثه ويقدمها كمنهج علمي لدورة تدريبية تسعف الآخرين في الحصول على سلامهم الداخلي!

أخيرًا.. احفظوا أموالكم، واصنعوا سلامكم الداخلي بين وسائد أحلامكم وأجنحة أمنياتكم وفي «سواليف» نفوسكم النقية.