-A +A
رامي الخليفة العلي
يقوم الرئيس الأمريكي جوزيف بايدن بزيارة إلى منطقة الشرق الأوسط وعلى رأسها المملكة العربية السعودية، حيث تجري قمة عربية ـ أمريكية في مدينة جدة في الخامس عشر من الشهر الجاري، والجميع على مستوى المنطقة وكذا على الصعيد الدولي يدرك أهمية هذه الزيارة، لدرجة أن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ظهر في أحاديث جانبية مع نظيره الأمريكي على هامش قمة مجموعة السبع وكأنه يوصيه بطرح مسألة أزمة الطاقة على طاولة الحوار مع الدول العربية. من الصعب جداً توقع نتائج هذه القمة لأن الأمر مرتبط بما يحمله الرئيس الأمريكي وإذا ما كان هناك تغيير ملموس في المقاربة الأمريكية لأزمات الشرق الأوسط. على العكس من ذلك فمن السهولة بمكان فهم السياق الذي تأتي به هذه الزيارة، ولعل العنوان الأهم هو عودة الإدراك لمدى أهمية منطقة الشرق الأوسط، ويعود ذلك لسببين؛ أولهما أنها تمثل منطقة التماس الاستراتيجي مع الخصمين اللدودين لواشنطن، فإذا كانت أوروبا هي التماس مع روسيا ـ بوتين، فإن الشرق الأوسط هو منطقة التماس الرئيسية مع الصين وروسيا معاً. إذا كان المنطق الأمريكي قائم على مقولة (من لم يكن معنا فهو ضدنا) فإننا نعتقد أن الزيارة لن تحقق المطلوب على الأقل من وجهة النظر الأمريكية، فالمنطقة لديها مقاربة مختلفة عن تلك التي تصلنا من واشنطن، فقد تعبت الدول، التي سيلتقي قادتها مع السيد بايدن، من الصراعات التي تقوم على أرضها، وهي لا تريد حرباً باردة أو ساخنة جديدة تكون اقتصاداتها وشعوبها وقوداً لها. دول المنطقة باختصار تريد مقاربة تبني من خلالها علاقات متوازنة مع كافة الأطراف تحفظ من خلالها مصالحها، وهذه ليست مقاربة نظرية، بل هي نموذج قائم من خلال تعاطي دول المنطقة مع الحرب الأوكرانية. أما ملف أزمة الطاقة فهو ينتظر أيضاً مقاربة مختلفة من الجانب الأمريكي بشكل خاص والجانب الغربي بشكل عام، والتخلص من النظرة السطحية لأي ارتفاع للأسعار من خلال زيادة الإنتاج، فإذا كانت هذه النظرة تعتمد على مبدأ العرض والطلب، فإن سوق النفط لا يعاني من النقص في المعروض، ولكن هناك أسباباً سياسية واستراتيجية أدت إلى الأزمة الحادة التي يعانيها سوق الطاقة، وحلول تلك الأزمة ليست مسؤولية دول المنطقة، لعل الحوار الذي لطالما ساندته المملكة العربية السعودية بين المنتجين والمستهلكين يمكن أن يؤدي إلى تفهم وينتج سياسة إنتاج متوازنة تؤيدها بشدة دول المنطقة. مواقف الدول العربية التي سيجتمع معها الرئيس الأمريكي جوزيف بايدن واضحة من الأزمات التي تعصف بالمنطقة، وهي تنتظر مقاربة أمريكية أكثر وضوحاً وأقل ديماغوجية، فهي تريد تصوراً أمريكياً صريحاً، يعرض على القادة، في ما يتعلق بالاتفاق النووي مع إيران، يحترم مصالح وهواجس هذه الدول، كما يريد هؤلاء القادة وشعوب هذه الدول تحركاً أمريكياً فاعلاً في ما يتعلق بعملية السلام في الشرق الأوسط التي لا تزال تمثل حجر الزاوية في استقرار حقيقي يمكن أن تنعم به المنطقة. وأخيراً أن تكف الولايات المتحدة الأمريكية عن ممارسة الدور الأبوي، أو دور الخواجة التقليدي الذي عهدناه من الدول الغربية، فهذا الدور تجاوزه العصر.

زيارة الرئيس الأمريكي إلى المنطقة يمكن أن تكون نقطة فاصلة في العلاقة الأمريكية ـ العربية أو أنها لن تتعدى حملة علاقات عامة ستنتهي بابتسامات أمام الكاميرات، الأمر منوط برؤية أمريكية مرنة وواقعية وبعيدة عن الخطابات الأيديولوجية والانتخابية.