-A +A
عبده خال
طرأ في بالي مشروع كتابي، واستبقت في اختيار اسم له (تنظيف سيرة)..

ومفردة تنظيف ربما تُدخل القارئ أو تحيله إلى التفكير بمعجنة الغسيل، وأي غسيل لقطعة قماشية أو سيرة ما هي إلا محاولة لإزالة ما علق بها من أوساخ (وليس وسخاً)، فعدد مرات التمسيح تجاوزت الحد المعقول القابل للتنظيف وإزالة ما علق بها.


وتكاد جل سير من مر بالحياة وأحدث أثراً، قد ناله من التشوهات (الأذى) ما جعل سيرته بحاجة لكل أدوات التنظيف الحديثة، بنية الكشف عن الحقيقة أو على الأقل الإمساك بسيرة مقبولة منطقياً وفق ظرف الشخصية زمانياً وثقافياً.

والشخصيات التي ملأت الكتب والحياة معاً نادراً ما تجد (ويكاد معدوماً) أن تكون سيرة خالصة من الأذى.

ولكي تكون عملية التنظيف بارعة، ومتقنة عليك غسل السيرة (وجه وقفا)، وتمحيص كل بقعة وضعت زيادة أو تحبيراً.

فالشخصيات التاريخية هي على حالتين: حالة تقصد فيها الإيذاء، وحالة تقصد فيها المديح، والحالتان بحاجة إلى تنظيف سيرة.

وأي شخصية تجول الآن في بالك، تأكد أن سيرتها (ملعوب فيها) زيادة أو نقصاناً.

والأذى الذي لحق بالسير لم يعد بالإمكان إعادة قطعة القماش ناصعة كما كانت عليه (والنصاعة المقصودة هي حقيقة ما كانت عليه الشخصية).

عزيزي: دعنا نجرب، اذكر شخصية في بالك، وما ترسخ في وجدانك عنها: حباً أو كرهاً، وقم بالبحث (ستحتاج وقتاً وجهداً كبيرين).

القصد من هذا القول، أن لا تُسلّم بما وصلك من معلومات عن أي شخصية، فهي قد مرت (عبر التاريخ) بمغالطات وزوائد بحاجة لتحرير، وليس مهماً إقناع الآخرين بما وجدت من تدليس كذباً أو تبجيلاً، وإنما القصد تنظيف داخلك مما رسخ في وجدانك على أنه حقيقة.

فالتاريخ يكتب بعشرات الأقلام، وكل قلم له محفز أثناء كتابته عن سيرة أو حدث.

فكرة هذا المشروع لا تزال تراودني.