-A +A
ريهام زامكه
كنت جالسة في قسم الطوارئ لأحد المستشفيات مع واحدة من قريباتي للاطمئنان على صحة والدها، وقد كانت أمامي لوحة مكتوب عليها: «دقائق الانتظار املأها بالاستغفار»، فاستغفرت الله عن ما تقدم من ذنبي وما تأخر وبعدها جلست (أطقطق) بجوالي!

أكذب عليكم لو قلت كان الهدوء يعم المكان، فقد كان هناك الكثير من المراجعين والمرضى -شفاهم الله وعافاهم- ولكن مع الأسف كان من بينهم شخص (همجي) لم يحترم خصوصية المرضى ولا المكان الذي هو فيه!


فقد قطع (صوته الغليظ) آذان كل الموجودين، وكان في الواقع (يُجعّر) ويصيح بأعلى صوته وهو يهدد الدكتور (الغلبان) قائلاً له: (لو سمحت يالخّوو، لا تلمس الوالدة)!!

وما كان ناقصاً إلا أن يقول له والله (لا اقطع يدك) إن لمستها!

بصراحة خرج من (نافوخي) علامات استفهام وتعجب كثيره! فكيف بشخص يمنع طبيباً من أن يباشر عمله بالكشف على والدته المريضة ليتم إعطاؤها العلاج المناسب لحالتها ويطمئنوا عليها؟!

تُرى هل سوف يتم تشخيص حالتها وعلاجها عن بُعد و(بالنية)؟ أو عبر الأثير؟!

وللأمانة لا أدري بعدها ما الذي حَل بتلك الإنسانة المسكينة التي ابنها (ركب رأسه) ورفض أن يكشف عليها طبيب وليست طبيبة!

كنت أعتقد أننا قد تجاوزنا هذه المبالغة والغباء في التفكير، لكن وعلى ما يبدو لا يزال هناك بعض من الناس يفكر بطريقة غريبة عجيبة ظناً منه أن هذا الأمر الإنساني لا يجوز ومحرم شرعاً، وأهون عليه أن (تفطس) وتموت كريمته أو زوجته أو والدته ولكن لا يمسها طبيب ليس محرماً لها!

هذا الموقف ذكرني بموقف «لأحد مشايخ الصحوة» في ذاك الزمان الأغبر حين قال: «إن النساء تساهلن في مراجعة الأطباء من دون مَحرم، وهذا مُحرم شرعاً».

وجميعنا لا ينسى الكثير من المواقف اللا إنسانية التي منعت وحرمت إسعاف المرأة لمجرد (عدم وجود مَحرم معها) في ذات الوقت، وكأنها ولا بُد أن تحمل محرمها في (شنطتها) قبل أن تمرض وتذهب إلى المستشفى، أو يحصل لها أي طارئ صحي يستوجب إسعافها على الفور!

تذكرت حادثة وفاة طالبة جامعية تأخرت (سيارة الإسعاف) في نقلها إلى المستشفى بسبب منع الاختلاط من «إحدى الهيئات» في حينها، ولم يتم السماح للمُسعفين بالدخول والكشف عليها وإسعافها وإنقاذ حياتها حالاً لعدم وجود محرم معها.

وبالطبع لا ننسى الحادثة المعروفة التي حصلت في مكة المكرمة حينما شَبّ حريق هائل في إحدى (مدارس البنات) وأعاق ورفض «رجال الهيئة» خروج الطالبات دون (عباءات) وحجاب، وحاولوا منع رجال (الدفاع المدني) من الدخول لإطفاء الحريق؛ بحجة عدم الاختلاط والتكشف على الصغيرات باعتبار أن هذا لا يجوز عُرفاً وشرعاً مما أدى لوفاة الكثير من الطالبات!

هُناك قاعدة قد يجهلها البعض تقول: «إن الضرورات تُبيح المحظورات»، وكل شيء مُباح ما إن استدعت الحاجة أن يتم إسعاف أو إنقاذ (رُوح) بغض النظر إن كانت ذكراً أم أنثى.

على كُل حال؛ يا عزيزتي المرأة كوني دائماً مُستعدة إن مرضتِ أو تعبتِ أو (انفقعت مرارتك) أن يكون مَحرمك (Standby) وجاهزاً في أي وقت، وهذا حفاظ على صحتك وحياتك حتى (لا تفطسي) ونفقدك وبعدها نقول:

يا حبة عيني (المرحومة) ما كان عندها مَحرم!