-A +A
مي خالد
يرى الفيزيائيون الماديون بأن أجزاء المادة تتحرك وفقًا لقوانين الفيزياء وتشرح كل شيء، بما في ذلك طريقة عمل الدماغ والعقل. ويعارض مؤيدو حجة الزومبي الفلسفي هذه المقولة بحيث يعتقدون أن هذا لا يكفي فيمكن أن يكون لدينا مخلوق يشبه واحدًا منا، له دماغ يقوم بالضبط بما تفعله أدمغتنا، لكن هذا المخلوق يفتقر إلى الخبرة الذاتية الواعية. وبالتالي فإن الفيزياء بحد ذاتها ليست كافية لفهم عمل العقل.

قبل سنوات قابلت شخصية تطابق الزومبي الفلسفي، كانت زميلة دراسة متفوقة قادمة من القرية وتسكن في السكن الجامعي. تعرف كل شيء في مدينة جدة عن طريق قنوات اليوتيوب وتعرف كل المشاعر التي يجب أن تشعر بها سلفا ولديها عشرات الحكايات والتجارب لأبطالها من اليوتيوب العرب والأجانب حول كل المواضيع والأفلام والأخبار تقريبا. حتى أنها في أول مرة تسافر بالطائرة كانت تعرف نظريا كل شيء يخص الراكب وكيف تربط الحزام وأنواع الوجبات ووصفت لي شعور الجلوس بجانب النافذة ومشاهدة الغيوم والشمس بالرغم من أننا لم نقلع بعد.


لم أكن قد قرأت عن الزومبي الفلسفي حين قابلتها في الطائرة ذلك اليوم، لكني بمجرد أن قرأت المثال الشهير لماري عالمة البيولوجيا الخيالية التي تعرف كل شيء بخصوص العلوم البصرية والجهاز العصبي للعين ودور الدماغ في الرؤية وتعرف كل شيء عن إدراك الألوان وكيف تعمل الأطوال الموجية لتصنع الطيف، وعلى وجه الخصوص تعرف ماري تجربة الأشخاص الآخرين عند رؤيتهم لمختلف الألوان.

لكن ماري لم ترَ في حياتها أي لون لأنها منذ ولادتها حبست في غرفة جميع أثاثها وألوان جدرانها من درجات الأبيض والأسود، وهي لاتشاهد شيئاً طوال اليوم إلا تلفزيون غير ملون وجميع ثيابها بتدرجات هذين اللونين.

لكن في يوم ما أطلق سراح ماري من الغرفة لترى عالمنا الملون. يقول الفلاسفة الذين وضعوا المثال أن ماري العالمة قد تعلمت شيئا جديدا عند رؤيتها للون الأحمر وتعلمت كيف يكون (شكل رؤية) هذا اللون على سبيل المثال.

صحيح أن الزومبي الفلسفي تجربة تفترض وجود شخص مطابق للأشخاص العاديين ولكن ليس لديه خبرة أو وعي فيقولون لو طعن الزومبي الفلسفي بسكين فلن يشعر داخليا بأي ألم لكنه سيتألم ظاهريا كما لو كان يشعر بألم. لكنهم ليسو واثقين من وجوده في الحقيقة، بعكسي، فأنا رأيت نموذج زومبي فلسفي في الواقع وأراهم يوميا على السوشال ميديا.