-A +A
ريهام زامكه
تعليمات الاستخدام:

«ارفع السماعة بهدوء وقرّبها من إذنك فإن سمعت صوت «قرّ» ضع إصبعك فوراً على الرقم (2) وأدره ثم دعه حتى يرجع إلى مكانه»!!


كانت هذه كيفية استخدام الهاتف (أبو هندل) قبل عدة عقود وعند بداية دخوله إلى الخليج بشكل عام، وحينها تناقل الناس شائعة وكانوا يعتقدون من شدة صدمتهم أن (الشياطين) هي من تنقل الكلام عبر أسلاك الهاتف، بل وخافوا أيضاً من تنصت الجّن على أسرارهم!

ثم تطور الهاتف من (أبو هندل)، إلى الهاتف (أبو قرص)، ثم الهاتف (أبو أزارير)، ثم الهواتف النقالة.

ومن (أبو هندل) إلى الآيفون يا قلبي لا تحزن، مع تقدم التقنية والتكنولوجيا وتطور وسائل الاتصالات أصبح بإمكانك التواصل مع أي شخص، (صوت وصورة) سواءً كنت في المشرق وكان هوّ في المغرب.

ولكن ورغم أن هذا التطور التقني الذي نعيشه قد قارب بين الناس جغرافياً، قد باعد بينهم إنسانياً، فأصبحت المشاعر الإنسانية رهن إشارة (إلكترونية) تبدأ وتنتهي بضغطة زر!

ومع تعدد التطبيقات والبرامج التي يستخدمها الناس حول العالم، قرأت خبراً أعجبني أعلنت عنه إحدى الشركات التكنولوجية، وهو عن عزمها تصميم تطبيق «يكشف مزاج المُتصل» ويقترح مواضيع مناسبة للتحدث معه.

وهذا التطبيق يدرس مزاج الشخص المُتصل ويُقدم للمُستقبل لائحة من المواضيع التي يمكن الحديث عنها معه (بحسب حالته المزاجية)، ويا فرحة ما تمت.

أنا أقترح عليهم أن يعكسوا الآية، ويكشف هذا التطبيق للمُتصل الحالة المزاجية (للمُستقبل) حتى يأخذ ذلك بعين الاعتبار و(ما يطولها وهي قصيرة) خصوصاً إذا كان (منفسن) وقاعد يتكلم من طرف خشمه!

فإذا كان حزيناً يصلنا إشعار لنُسعده ونوسع صدره، وإذا كان سعيداً يصلنا إشعار (لنقرفه) وننكد عليه عيشته، وإذا كان ما بين البين نختصرها ونغلق الخط (دايركت) في وجهه!

المُصادفة الغريبة وقت كتابتي لهذا المقال؛ اتصلت بيّ امرأة كبيرة في السن، لا أعرفها ولكنها سيدة لطيفة عرفتني بنفسها وقد هاتفتني لتبدي رأيها وإعجابها بمقالاتي مشكورة.

في الواقع كان وقت اتصالها بي غير مناسب لأني كنت أنتظر ضيفة، لكني تحرجت منها ولم (أنهي) المكالمة، وظليت أستمع لها بلباقة وأدب ولكنها لم تعطني أي فرصة لأقول كلمة واحدة -عيني عليها باردة، وحينها تمنيت أن ينقذني ذلك (التطبيق الخِرطي) الذي يكشف الأمزجة للناس.

فقد استرسلت في الحكي ودخلت من موضوع إلى آخر، إلى أن جاءتني العاملة وسمعت صوتها وهي تحدثني، فاستأذنت منها لثوانٍ وقلت لها:

خليكِ على الخَط يا خالة، ولكنها لم تجب، فسألتها: تسمعيني يا خالة؟ ويبدو لي أنها قد تعبت من الكلام وأخذت (غفوة عالخط) لأنها أغلقت السماعة في وجهي حتى بدون مع السلامة!