-A +A
بشرى فيصل السباعي
ما الذي يجعل أقصى طموح أهل الشرق هو الهجرة للغرب سواء كانوا أميين فقراء «الهجرة غير الشرعية» أو كانوا أعلى أهل الشرق تعليما وامتيازات «هجرة العقول»؟ وحتى دول ومدن العالم التي قسمت لشطرين: شطر تابع للشرق/‏السوفيتي، وشطر تابع للغرب/‏أمريكا، مثل برلين أعقاب الحرب العالمية الثانية وبناء سور بين الشطرين كان أهل برلين الشرقية يخاطرون بالتعرض للقتل والاعتقال والتعذيب حتى الموت ليتمكنوا من الهرب لبرلين الغربية؟ ولازال هذا هو الحال بكوريا الشمالية وهي سجن كبير وبحالة مجاعة دائمة، وأعدمت مؤخرا رجلا لاستماعه لأغنية أجنبية بالراديو، بينما كوريا الجنوبية التابعة للغرب تصدرت العالم بإنتاجاتها التقنية والثقافية المتأمركة؟ وبزمن الاتحاد السوفيتي الذي كانت كوريا الشمالية تابعة له وللصين كان السوفييت يخاطرون بحياتهم لمطالعة منتجات الثقافة الغربية وكانت غالية الثمن؛ لأنها ممنوعة ومن يطالعها يعتقل، وكانت الحكومة توفر مواد الترفيه الوطنية للشعب مجانا، ولازال هذا هو الحال بإيران، لماذا كل ما هو من الشرق يبدو منفرا حتى لأهل الشرق؟ بينما كل ما هو من الغرب يبدو جذابا بشكل مغناطيسي؟ فمواد الترفيه العربية لا تلقى رواجا في العالم العربي يقارب نظيراتها الأمريكية والمتأمركة ولا يوجد بلد واحد بالعالم يشتري مواد الترفيه العربية.

لماذا تقدم الغرب وتخلف الشرق عن ركب التطور العلمي والفكري والثقافي والتكنولوجي والحضاري والهيكلي ومن كل وجه وكثير من دوله منهارة وغارقة بالحروب الأهلية؟ رغم أن الشرق أغنى بالثروات الطبيعية من الغرب؟ ما الذي بالشرق جعل «كليتوس» صديق الإسكندر الكبير ومنقذ حياته يقول له إن الشرق أفسده؟ فقتله الإسكندر بيده لقوله هذا مؤكد بذلك صحته. روى مسلم (عن المستورد القرشي أنه قال: عن عمرو بن العاص قال: سمعت رسول الله يقول: تقوم الساعة والروم-الغرب- أكثر-أعظم-الناس، فقال له عمرو: أبصر ما تقول، قال أقول ما سمعت من رسول الله، قال: لئن قلت ذلك إن فيهم لخصالا أربعا: إنهم لأحلم الناس عند فتنة، وأسرعهم إفاقة بعد مصيبة، وأوشكهم كرة بعد فرة، وخيرهم لمسكين ويتيم وضعيف، وخامسة حسنة جميلة وأمنعهم من ظلم الملوك).


لماذا علماء الشرق عندما يهاجرون للغرب يحصلون على جوائز نوبل ويحققون الاختراعات والاكتشافات التي تخلد أسماءهم ودراساتهم وأبحاثهم تنشر أخبارها بالصحف العالمية وليس فقط المتخصصة علميا، بينما علماء الغرب عندما يعملون بالجامعات والمراكز العلمية الشرقية ورغم أن رواتبهم وامتيازاتهم أعلى من نظرائهم بالغرب لكنهم لم يحققوا اكتشافا واختراعا واحدا ولا جائزة نوبل واحدة ولا حتى جائزة محلية ولا دراسة علمية واحدة نشر خبر عنها؟ يذكر أن طلاب الغرب يدفعون لجامعاتهم ثمنا ماليا مقابل دراستهم ولذا غالبهم يعملون ويدرسون، بينما جامعات الشرق مجانية وبالخليج تدفع للطلاب مكافآت، ولذا غالب طلاب الشرق متفرغون للدراسة ومع هذا هم بلا إنجازات تذكر.

لماذا رؤوس أموال الشرق تتسابق للاستثمار بالغرب، بينما مهما وضع الشرق من تسهيلات وضمانات لجذب رؤوس الأموال المحلية والعالمية تبقى ممتنعة عنه؟

لماذا يتصدر الغرب قوائم أسعد دول العالم وأكثرها نزاهة وأقلها فسادا، بينما يتصدر الشرق قوائم أتعس دول العالم وأكثرها فسادا؟ فمهما تم صب الميزانيات والألقاب الأكاديمية على الواقع بالشرق فسيبقى متخلفا عقيما منفرا طاردا لأهل الشرق والغرب طالما ليس هناك وعي بالجواب على السؤال الوجودي؛ ما الذي يوجد بالغرب ولا يوجد بالشرق؟ والجواب هو نوعية الثقافة السائدة وأثرها بالسلوك الفردي والجماعي والمؤسساتي.