-A +A
ماجد قاروب
أتمنى أن يستخدم الشهر الكريم بأن نستفيد منه في تعزيز أواصر المحبة والإخاء والسلام عوضاً عن الخصومة والبغضاء. وتساءلت ونحن نملك في الشريعة مقومات الصلح والتسوية والوساطة، بالإضافة إلى التحكيم، لماذا لا يكون العمل القضائي في رمضان منصباً على إجراءات الصلح والتسوية؟ ولماذا لا نستغل العلم الشرعي لقضاتنا بحيث تخصص الجلسات القضائية في شهر رمضان لإجراءات الصلح والحث عليه بين الخصوم خاصة في القضايا ذات الطابع العائلي مثل التركات والأحوال الشخصية والعنف الأسري.

يمكن للغرف التجارية أن تفعّل اختصاصاتها في التسوية والصلح بين التجار بالاستعانة بأهل الخبرة والمحامين ليساهموا في تقريب وجهات النظر والعمل على خلق مناخ مناسب للتسويات الودية؛ عوضاً عن تقديم المذكرات القانونية خاصة أن الجميع يعاني الأن بسبب عنصر واحد وهو جائحة كورونا، ولعل ذلك يفيد في تقنين الوسائل البديلة لحل المنازعات التي تنبع من تعاليم الدين الحنيف وقيم وأخلاق المجتمع المسلم، لا بد أن ذلك من أعمال الخير الرائعة في رمضان نستغل فيه هذا الشهر الفضيل لحل المشاكل العائلية والتجارية والاقتصادية ليعم الخير في شهر الخير ليكون موسماً حقيقياً للمودة وإصلاح ذات البين، خاصة أنه يتوج سنوياً بإجراءات العفو الملكي الكريم، ولعل خطباء المساجد يساعدون على هذا الخير في خطب الجمعة للحث على التراحم والتآخي والتسامح في رمضان.


سؤال هام جداً لرجال الأعمال ممن يخرجون الصدقات والزكوات والتبرعات في هذا الشهر الفضيل وهناك عمال وموظفون لم يتسلموا رواتبهم لشهر أو أكثر! فكيف يعقل هذا؟ لا يتسلم الموظفون والعمال رواتبهم في وقت يصرف فيه رب العمل ألوف وملايين الريالات في عطلة الصيف التي تداخلت مع نهاية رمضان، وقد أمر المصطفى صلى الله عليه وسلم بأن يعطوا أجورهم قبل أن يجف عرقهم، كما أكد نظام العمل وجوب حماية الأجور بالسداد في المواعيد واعتبر أن التأخير مخالفة يعاقب عليها نظاماً بالغرامة والعقوبة التي تضاعف أجر العامل.

في رمضان فرص كثيرة وكبيرة لنا كمجتمع مسلم لمراجعة أعمالنا وتصرفاتنا وعاداتنا وتقاليدنا في كل أمور الحياة لنخرج من هذا الشهر أفضل من الأعماق عما دخلنا به الشهر ونحن القضاة والمحامين ورجال القانون لا نختلف عن غيرنا في وجوب إحداث هذه المراجعة للنفس حتى نحصل على أجر وفضل هذا الشهر ونخدم المجتمع ويكون لنا في رمضان دور في الصلح والتسوية والوساطة نكسب فيها لآخرتنا وأيضاً لدنيانا، سائلاً المولى عز وجل أن يعيد هذا الشهر علينا وعلى المسلمين أعواماً عديدة وأزمنة مديدة بصحة وعافية وأجر كريم خاصة بعد أن مر الجميع بظروف جائحة كورونا. هي دعوة إلى المجلس الأعلى للقضاء وديوان المظالم ووزارة العدل والنيابة العامة لتبني هذا الطرح، وعلى أن يخصص الشهر لبرامج التطوير والتدريب للقضاة لأهمية هذا الأمر وتترك لجان الصلح والتراضي تعمل من خلال منصاتها في إصلاح ذات البين ليطبق اعتباراً من رمضان المقبل خاصة مع التطويرات القضائية والتشريعية التي بشرنا بها سمو ولي العهد الذي نبارك له ذكرى البيعة المباركة بولاية العهد.

وكل عام والجميع بخير.