-A +A
عبده خال
اللهم امدد العمر للفنان عادل إمام.

خلال اليومين الماضيين سقط أحد طلبة (مدرسة المشاغبين) الفنان هادي الجيار (رحمه الله)..


تلك المسرحية التي أحدثت قلبة عنيفة في التربية، ونقلت الجوانب التربوية الى حالة من حالات الانفلات، وبرغم أنها عرضت في السبعينات الميلادية أول عرض (1973) إلا أن أثرها امتد كأخدود زلزالي شاطرا العلاقة بين الآباء وأبنائهم، وبين الطلاب وأساتذتهم.

وأثناء عرض المسرحية التي استمرت لسنوات طويلة ارتفعت الدعاوى القضائية لإيقافها عدة مرات إلا أن الإقبال الشديد عليها أبقاها مهوى الأفئدة، واعتبر البعض أن هذه المسرحية قضت على هيبة المعلم، حتى أن بعض علماء النفس بجامعة القاهرة أجروا دراسة عن الآثار السلبية للمسرحية، خلصت إلى أن نحو 70% من المشاغبين في المرحلة الثانوية كانوا يقلدون شخصيات المسرحية في محاولة لنيل إعجاب واحترام زملائهم، كما أن وزير التعليم آنذاك، وَصَفَ المسرحية بأنّها أحد أسباب انهيار التعليم في مصر، وتدنّي مستواه؛ لأنها أفقدت المعلم هيبته.

وفِي زمن الإيمان بفكرة المؤامرة، اتهم مؤلف المسرحية (علي سالم) بأنه خنجر في خاصرة الضمير العربي، ساعٍ إلى تهشيم التربية (المصرية تحديدا)، وجذب الشباب العربي لكسر عمود السلطة في التعليم، ومن تلك المسرحية العمل الحثيث على القضاء على تركيبة شباب المستقبل، ولأن الأستاذ علي سالم (رحمه الله) كان من المتهمين بالتطبيع الثقافي مع إسرائيل استقرت التهمة أو رسخت في بال المثقفين في المقام الأول، رسخ أن المؤلف قصد من تأليف المسرحية ضرب بنية التربية لدى الشباب.

وفِي هذا السياق أستجلب من ذكرياتي اجتماعي مع الممثل يونس شلبي (أحد أهم شخصيات المسرحية) الذي تكررت زياراته للعلاج في مدينة جدة، اجتمعنا في مركز ترفيهي على أنغام وأصوات عدة مطربين أحيوا تلك الليلة. كنت مركزا على تعبير يونس شلبي إزاء ما يقوم به الشباب داخل صالة المركز من تصرفات خارجة عن اللياقة الأدبية، كانت تعبيرات وجهه غائمة لا تبين أي أثر (لا استحسانا، ولا رفضا، ولا انشراحا) تعبيرات جامدة من كل أثر سوى آثار الموت القادم. كنت راغبا في سؤاله سؤالا مختصرا عن تصرفات الشباب غير اللائقة، وفِيما كنت أحاول صياغة سؤال لائق أيضا، وقفت في حلقي جملة:

- هل أنت راض عما أحدثته مدرسة المشاغبين من تفلت أخلاقي لدى الشباب؟

وأمسكت لساني، لسببين: أولهما الضجيج الذى ملأ الصالة، وثانيهما غياب لب يونس شلبي بفعل المرض المنهك.

فتريثت على أمل محاورته عندما نغادر الحفل، وعندما وصلنا إلى بيت الصديق علي فقندش (حيث أقام يونس)، ظللت أتحين الوقت الجيد لأسأله، وعندما فعلت ذلك، كان يونس شلبي -كما كان في المسرحية- (ما يجمع)، وإن كان في الأولى يمثل إلا أنه أمامي (لا يجمع) بسبب المرض.

رحم الله أبطال مدرسة المشاغبين، وأمد الله في عمر عادل أمام وسهير البابلي.