-A +A
حمود أبو طالب
مشكلتنا سابقاً مع الفساد في الأجهزة الحكومية بكل أنواعه وأساليبه أنه أوشك أن يتحول إلى ثقافة إدارية طبيعية لا تثير ممارستها الاستغراب لدى المجتمع لأنه يرى الفاسدين يسرحون ويمرحون دون مساءلة، ويتكاثرون بشكل متزايد، بل ويجاهر بعضهم أنه لا يستطيع أن يكون استثناءً في منظومة عمله التي تمارس الفساد بحرية وثقة واطمئنان، ولذلك شاعت المقولة الفاسدة التي كان يرددها الكثير: مال الدولة حلال، أي حلال نهبه وسلبه لأنه لا أحد يسائل عنه، وإن حدثت مساءلة فهي نادرة، وإن تم ايقاع عقوبة فإنها تطال الصغار، بينما الفساد الكبير يترعرع في المكاتب الكبيرة.

كانت الأجهزة الرقابية عاجزة، شبه مشلولة، لأنه لا أحد يريد مكافحة هذه الآفة بجدية وصرامة، حتى جاء زمن جديد تحولت فيه مقولة مال الدولة حلال إلى: لن ينجو شخص متورط في فساد كائناً من كان، وحتى عندما تم إطلاق هذا الشعار الصدمة لم يصدق الكثيرون أن تحويله إلى فعل سيتم بهذه السرعة والصرامة والشفافية التي طالت مواقع لم يكن أحد يتخيل الوصول إليها وإزالة حصانتها وإنزالها إلى ساحة المساءلة والعقاب.


الرسالة التي وجهها ولي العهد قبل يومين إلى رئيس هيئة الرقابة ومكافحة الفساد وقال فيها: «بيّض الله وجوهكم، وانقلوا شكري لكل فرد من منسوبي جهازكم، وهم اليوم فرسان هذه المعركة الشرسة ضد الفساد لاستئصاله من وطننا الغالي علينا جميعاً» هي في الحقيقة رسالة كل مواطن شريف لهذا الجهاز الذي يطارد لصوص الوطن ويعمل بكفاءة عالية ومستمرة لضبطهم وإحالتهم للعدالة، وما كان لهذا الجهاز أن يمارس مهامه بهذه القوة والصرامة لو لم يكن مدعوماً بشكل كامل من الدولة، دون خشية من أي طرف أو أي جهة أو أي أحد.

قبل فترة شاهدت مقابلة تلفزيونية مع رئيس هيئة الرقابة ومكافحة الفساد شرح خلالها آلية عمل الهيئة والدعم الذي تتلقاه من ولي العهد والإنجازات التي حققتها فتيقنت أن زمن مقولة مال الدولة حلال قد انتهى، وبدأنا زمن أين مال الدولة الذي أؤتمنتم عليه؟ ومن أين لك هذا؟

نعرف أن المهمة ليست يسيرة لكننا في الطريق الصحيح لمحاصرة هذا الوباء المدمر.

habutalib@hotmail.com