-A +A
محمد المطيري
عندما تسأل مشجعًا عن مواصفات اللاعبين الذين تتمناهم بفريقك سيختار حارس مرمى بارعا بالتصديات ومدافعًا مميزًا في الجوانب الدفاعية وصانعًا للألعاب ومهاجماً هدافًا، كرة القدم الحديثة ألغت هذه المواصفات التي كانت بالماضي مطلبًا لأي مشجع تجاه ناديه.

المهاجم بين الماضي والحاضر اختلفت مزاياه، في السابق كان المهاجم صاحب اللمسة التهديفية ولغة أرقامه قوية هو الأكثر طلبًا في سوق الانتقالات، حاليا اختلف هذا الشيء عند الأندية التي تلعب كرة قدم حديثة، أصبح مهاجموها يتصفون بكمال فني بحيث إتقانهم لمهامٍ كثيرة من ضمنها بلا شك لغة الأهداف.


-

عن المواصفات الضرورية في مهاجم بهذا الزمن دائمًا أستذكر تصريحًا للسير أليكس فيرغسون عن مهاجمه الهداف «فان نستلروي» الذي قال في مذكراته «الرود ليس لاعبا عظيما لكنه هداف عظيم»، استشفيت من تصريح السير بأن فان نستلروي لاعب منطقة الـ18 ومنهٍ للهجمات لكن لا أستطيع الاستفادة منه خارجها بعكس مهاجم أرسنال الإنجليزي تيري هنري الذي عاصر الرود ومدربه في الدوري الإنجليزي، هذا يعطي دلالة بأنه ليست الأهداف التي تعطيك الأفضلية دائمًا في مركز الهجوم.

‏-

‏عند الحديث عن المهاجم العصري ذي الكمال الفني هجوميًا لابد أن نقف عند انتقال تيري هنري لصفوف أرسنال الإنجليزي في موسم 1998-1999، وسط تذمر إدارة المدفعجية من أرقامه الضعيفة في منتصف الموسم الأول للصفقة التي أصّر عليها المدرب آنذاك أرسين فينجر الذي لديه فلسفة جميلة في تكتيكات كرة القدم، وهو الذي لعب بلاعب الطرف هنري بمركز الهجوم والاستفادة من مواصفاته التي ابتكر فيها فينجر فلسفة «المهاجم الوهمي».

-

لدى أرسين فينجر تصريح عن لعب هنري في هذا المركز عندما قال في أحد ردوده على المدير التنفيذي لأرسنال آنذاك «هيل وود» الذي انتقد صفقة اللاعب بسبب ضعف أرقامه التهديفية «هنري لاعب يخدم الجميع، لكن للأسف الجميع ينظر للكرة كعملية إحصائية، كم هدف أحرز، وكم هدف صَنَع، ولكنهم لا ينظرون للفريق ككل، لا أحد ينظر كيف يستلم الكرة أو كيف يصنع تمريرة عادية أو كيف يظهر لزميلٍ في موقف ضغط»، هذا الرد من فينجر يعطينا تصوّرًا أن الأهداف ليست وحدها من تجعل المهاجم مميزًا، وهي نفس الحالة التي يمر بها المهاجم الأفضل والأكمل في السنوات الأخيرة «كريم بنزيما» الذي دائمًا ما يتم انتقاده لضعف ما أسموه بلغة الأرقام، ولكن تحليلًا على الصعيد النفسي والفني نجد بأن بنزيما هو رجل المناسبات الكبرى.

‏-

‏السؤال الدائم الذي يتكرر في كل مناسبة للريال، لماذا كريم بنزيما هو المهاجم الأقل تواجدًا في منطقة الجزاء؟

‏ما يميز كريم بنزيما هو إتقانه لمهام عديدة تتواجد بلاعبي الوسط في بناء الهجمة واللعب في منظومة مداورة الكرة من لمسة واحدة وإجادته للعب في المناطق الضيقة لأنه يتميز بالمهارة الفردية وكسر المناطق الدفاعية، ولنا بتسجيل الفيديو لما دار بين شوطي مباراة نهائي دوري الأبطال 2018 بين ريال مدريد الإسباني وليفربول الإنجليزي بين زيدان ولاعبيه دليل على ذلك، عندما قال زيدان: «ثلاثي الوسط في ليفربول يبدأون بالضغط العالي حينما نلعب الكرة للخلف، سيلعب الظهير «مارسيلو» لزميله المدافع «راموس» لخلق منطقة فراغ بين محور ارتكاز ليفربول «هيندرسون» وخط الدفاع ليتواجد كريم بنزيما بهذه المنطقة لسحب دفاع ليفربول عند استلامه للكرة، لينطلق لاعب وسط ريال مدريد «ايسكو» لحالة الفراغ التي أحدثها ويتقدم لمركز الهجوم».

‏انتهت المباراة بفوز ريال مدريد على ليفربول الإنجليزي 3-1 وكان كريم بنزيما من نجوم المباراة في كلا الشوطين.

‏هذه التوجيهات لن يقوم بها زيدان لو لم يتواجد مهاجم عصري يجيد تلك الأدوار التي لا توضحها لغة الأرقام.

‏-

تكتيكات كرة القدم الحديثة التي تُلعب بمهاجم واحد

دائمًا تبحث عن المهاجم الأكثر اندماجًا في منظومة الفريق من بناء لعب وإجادته اللعب بمناطق العمق والأطراف كما يفعل تيري هنري وكريم بنزيما حاليًا.

ربما كثير من المهاجمين البارعين في تسجيل الأهداف في الماضي سيجدون صعوبة إن جعلهم القدر لاعبين بهذا الزمن.