-A +A
حمود أبو طالب
حسناً، وماذا بعد يا عالمنا العربي؟

لا شيء يدعو للتفاؤل، كنا مشغولين بما سيحدث في ليبيا المتقلبة على صفيح الخطر والخوف من اليوم القادم، والعراق الذي يحاول استعادة عروبته وتضميد جراحه الآنية والمزمنة، واليمن الذي اختطفته رعونة التخلف والبدائية والعمالة، أدمنا اليأس من أي بصيص أمل في سوريا، وضعنا أيدينا على قلوبنا مما تعيشه وما هي مقبلة عليه تونس بسبب بلطجة حزب النهضة الإخواني، أينما نولي وجوهنا وأسماعنا وأبصارنا ثمة صورة قاتمة، وفجأة تنفجر أكثر من ٢٧٠٠ طن من مواد شديدة الانفجار في جسد العصفور الصغير الذي ظل يمدنا بالغناء رغم كل الأهوال التي مر بها، وكأنه أريد للوحة السواد أن تكتمل، وتصبح شديدة الحلكة، لا تشي بأي أمل ممكن.


ما حدث في بيروت ليس سوى ترسيخ للقتامة التي دخلها العالم العربي، إذ كان في السابق يعاني من عملاء وخونة ومتاجرين بالشعوب ولكن من وراء سواتر، أفراد أو مجموعات صغيرة تناور وتعود إلى جحورها، لكنه الآن أصبح يعاني من حكومات تبيع شعوبه وحاضره ومستقبله جهاراً نهاراً، وتعلن تبعيتها المطلقة للأجنبي الذي يتربص بأرض وشعوب عربية، ويفاخر بأن عملاءه هم المسيطرون والآمرون الناهون، وما لبنان سوى صورة فاقعة القبح لهذه الرداءة التي وصلتها أحوال بعض الدول العربية، رداءة الذين لا يهمهم أن تتحول إلى يباب طالما مصالحهم الفئوية مستمرة، وإلا فهل يتصور أحد أن يطالب البعض في لبنان بعودة الانتداب الفرنسي أو الحماية الدولية في بلد كان يحتفل كل عام بيوم استقلاله، ويتذكر باحترام الشهداء الذين ضحوا بأرواحهم في سبيله.

أي خزي وصلنا إليه في بعض الدول التي تحكمها عصابات من بني جلدتها، تفتح نوافذها كل صباح من شرفات منازلها الفخمة لترى المتسولين من حملة الشهادات وذوي الكفاءات، وتستمتع بسادية قذرة بمشهد الشيوخ والعجائز والأطفال وهم يبحثون عن رغيف خبز، المنازل من حولهم يعمها الظلام وردهات قصورهم تتلألأ فيها الثريات الثمينة.

ما حدث في بيروت لا يزيد عن فقرة في مسلسل الانهيار الذي يجتاح هذا العالم العربي التعيس، الذي لولا وجود نقاط ضوء محدودة فيه تمثلها دول انحازت للخير والسلام والتنمية، لأصبح العيش فيه نوعاً من الانتحار العبثي.

كاتب سعودي

habutalib@hotmail.com