-A +A
علي محمد الحازمي
سمعنا نُباح العديد من القنوات بسبب سماح المملكة بعدد محدود من الحجاج لأداء المناسك هذا العام بسبب انتشار فايروس كورونا المستجد؛ حرصاً على إقامة الشعيرة بشكل آمن صحياً وبما يحقق متطلبات الوقاية والتباعد الاجتماعي اللازم لضمان سلامة الإنسان وحمايته من مهددات هذه الجائحة، فلم تجد تلك القنوات طريقة في انتقاد هذا الإجراء سوى التعليق على خسارة المملكة اقتصادياً بسبب هذا القرار، وعلى النقيض من ذلك، لو فتحت المملكة أبواب الحج على مصاريعها بنفس الأرقام المعتادة، فحتماً سيصرخون بأن السعودية فضّلت المكاسب المالية والاقتصادية على أرواح المسلمين، لذلك في كل الأحوال ستبقى المملكة محل لوم في أيّ قرار تتخذه، لأنّ هؤلاء ينطبق عليهم قول الله تعالى «فمثله كمثل الكلب إن تحمل عليه يلهث أو تتركه يلهث».

المملكة لا ترجو أرباحاً من الحج والعمرة، وما يدخل خزينة الدولة من إيرادات ومبالغ لا يكاد يذكر مقارنة بما يتم إنفاقه لخدمة الحرمين الشريفين، ولا يخفى على أحد أن أكثر من 70% من الحجاج والمعتمرين قادمون من دول إسلامية فقيرة لا تتجاوز ميزانية الشخص الواحد 1500 دولار يُنفق 50% منها في دولته تجهيزاً للقدوم لأداء إما مناسك الحج أو العمرة، وبلغة الأرقام المملكة ضخت أكثر من 100 مليار دولار على مشاريع التوسعة الثالثة للحرم المكي، والمملكة ترى أن راحة الحجاح والمعتمرين فوق كل اعتبار، وخير دليل على ذلك هو تكلفة قطار المشاعر التي انتزعت من خزينة الدولة أكثر من 6.5 مليار ريال، والذي يعد ثورة كبرى في عمليات النقل خلال موسم الحج، وهو القطار الذي لا يعمل سوى 3 أيام في السنة!! أليس هذا دليلاً واضحاً على أنّ بلادي المملكة لا تدخر جهداً أو مالاً في راحة ضيوف الرحمن حتى لو عمل هذا القطار لثلاثة أيام في السنة فقط.


من المهم أنْ أذكّر بأن استفادة القطاعات التي ترتبط بمواسم الحج والعمرة لا تتجاوز 12 مليار دولار، وهذا رقم متواضع جداً مقارنة بحجم اقتصاد المملكة، حيث إن هذا الرقم لا يمثل سوى أقل من 2% من الناتج المحلي الإجمالي.