-A +A
عبداللطيف الضويحي
من المؤكد أن الأزمات هي المختبر والاختبار الحقيقي للخطط والأهداف والإستراتيجيات، وكلما كانت الأزمات كبيرة وشاملة، كان ذلك شهادة ضمان عالية لمن يجتازها. فإلى أي مدى أثرت أزمة كورونا على واقعية وجدوى ومصداقية وثبات أهداف التنمية المستدامة السبعة عشر؟

لا بد لي بداية من الإشادة بالجهود والعقول التي توصلت إلى بلورة وصياغة أهداف التنمية المستدامة SDGs. فقد توصلت منظمة الأمم المتحدة لسبعة عشر هدفاً، حيث وردت هذه الأهداف في قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة في 2015، ومن ثم أدرجت سنة 2016 في خطة التنمية المستدامة لعام 2030.


نشير هنا إلى أن 169 هدفاً فرعياً انبثقت عن الأهداف السبعة عشر، وتشمل (القضاء على الفقر- القضاء على الجوع والأمن الغذائي- الصحة والرفاهية- التعليم الجيد مدى الحياة- اتخاذ التدابير الضرورية والعاجلة لمواجهة تغير المناخ- المساواة بين الجنسين- توافر المياه والصرف الصحي- إتاحة الطاقة الحديثة بأسعار ميسرة للجميع- تعزيز النمو الاقتصادي الشامل والمستمر والمستدام وتوفير العمل اللائق للجميع- إقامة وتهيئة البنى التحتية المعتبرة وحفز التصنيع والإبتكار- الحد من عدم المساواة داخل البلدان وبينها- شمولية المدن والمستوطنات البشرية للجميع واستدامتها وأمنها- البيئة- استدامة أنماط الإنتاج والاستهلاك- حفظ المحيطات والبحار والموارد البحرية واستخدامها على نحو مستدام- حماية النظم البرية والغابات والتنوع البيئي وترميمها وتعزيز استخدامها على نحو مستدام ووقف التصحر- السلام والعدل والمؤسساتية- تعزيز وسائل التنفيذ وتنشيط الشراكة العالمية من أجل التنمية المستدامة).

فإلى الآن الدول ليست ملزمة قانوناً بهذه الأهداف، فهل يجوز بعد جائحة كورونا، أن تستمر الدول بغير الالتزام بهذه الأهداف أو بعضها؟ وهل يمكن العمل على أي من هذه الأهداف السبعة عشر والنجاح بتحقيقها بمعزل عن التزامن والتناغم في الجهود بين كافة الأهداف بعضها مع بعض، في ظروف كالظروف التي عشناها ونعيشها مع وباء كورونا؟ وهل يمكن تحقيق هدف الصحة في ظل جائحة كورونا، دون تفعيل وتحقيق أهداف النظافة والمياه والبيئة والتعليم والأمن الغذائي وتمكين فئات المجتمع من العمل والشغل وتعزيز دور الأسرة في التوعية والوقاية؟

ثم هل يمكن لدولة بمفردها أن تعمل بأهداف التنمية المستدامة وتكون بمنأى من جائحة مثل جائحة كورونا، إذا لم يكن هناك بروتوكولات أو إطار للتعاون والشراكة المعلوماتية والمعرفية والخبراتية والدوائية والمختبراتية مع بقية دول العالم ومن دون تزامن وتناغم وتضافر لجهودها مع جهود تلك الدول؟

في ضوء ما أفرزته وتسببت به جائحة كورونا من تداعيات، يبدو لي أن مشكلة أهداف التنمية المستدامة هي أنها مصممة لكل دولة على حدة، وأن تلك الأهداف لم تأخذ بالحسبان الكوارث الناجمة عن الأوبئة والجوائح العابرة للأهداف والعابرة للمجتمعات والعابرة للحدود.

من هنا أقترح أن تتم مراجعة أهداف التنمية المستدامة وإعادة صياغتها في ضوء التداعيات الشاملة التي تسببت بها الجائحة، والتفكير بإضافة هدف ثامن عشر ويكرس للجوائح ويعمل كحالة طوارئ ويعمل على تكريس العمل الأفقي والرأسي الحكومي وغير الحكومي العابر للمؤسسات والعابر للمجتمعات والعابر للأهداف والعابر للحدود.

كاتب سعودي

Dwaihi@agfund.org