-A +A
عبدالرحمن العكيمي
تقول آخر الإحصائيات التي نشرتها الهيئة العامة للإحصاء في المملكة إنه يوجد لدينا أكثر من 13.10 مليون عامل غير سعودي وهو عدد قابل للزيادة في ظل استمرار فتح باب الاستقدام على مصراعيه بالتنظيم الحالي مع استثناء التنظيمات التي صدرت في بداية جائحة كورونا المستجد، وهذه الزيادة بالإمكان تقليصها إلى مستويات تتناسب مع متطلبات سوق العمل، فالأمر يحتاج إلى مراجعات كثيرة وسن قوانين جديدة تحد من هذا التزايد الذي يشكل عبئا على المجتمع بمؤسساته المدنية والأمنية والصحية. وهو رقم يمثل نسبة كبيرة من التعداد العام للسكان في بلادنا ويحتاج إلى التوقف أمامه جيدا.

وكشفت جائحة كورونا مؤخرا العديد من الظواهر المرتبطة بالعمالة كما كشفت لنا أهم التحديات التي تسببت فيها الأعداد المهولة من العمالة النظامية، ناهيك عن العمالة المخالفة وغير النظامية التي تندس في مجتمعنا وتفرض علينا إشكالياتها وسلوكياتها وأمراضها المنقولة.


والعمالة الوافدة والمقيمة لها تفاصيل كثيرة وسلوكيات خاصة؛ بعضهم قدموا إلينا من دول ليست دول مؤسسات أي لا توجد فيها أنظمة أو كيانات مؤسساتية فهم نتاج طبيعي لهذه الدول التي تعاني من إشكاليات، والكثير منهم بلا مهن أي أنه يأتي إلينا وهو عامل (خام) لا يجيد ولا يتقن أية مهنة رغم أنه في هوية الإقامة (مهني) بمسمى مهنة مطلوبة في السوق المحلي ثم ينضم لرفاقه في السوق ويتم تدريبه في دوائر تجمعاتهم المخالفة حتى يقف على قدميه وينضم لقوافل العمالة السائبة التي أصبحت أكثر من الهم على قلوب المواطنين. فأنظمة الاستقدام بنظامها الحالي تحتاج إلى مراجعة بما يحقق حدا أدنى لمعايير الجودة والحد من الانفلات والفوضى العمالية بمشهدها الحالي.

وحين تتجه إلى مكة المكرمة وجدة والمدينة المنورة حيث ظروف الحج والعمرة والزيارة فلكل موسم من المواسم الفائتة حصيلة باقية تلوذ بنفسها عن الجهات الرسمية وتتخفى ويتم احتضانها من أبناء جلدتهم السابقين فهي حصيلة موسمية تنمو وتترعرع في مكة وجدة ممن لا يغادرون إلى بلدانهم والذين آثروا البقاء طلبا للرزق، والكثير منهم وعبر سنوات فائتة تمت تسوية أوضاعهم من قبل حكومتنا الرشيدة وتم منحهم إقامة نظامية فعاشوا بيننا وتعلم أولادهم في مدارسنا وجامعاتنا حتى أصبحت الأعداد تفوق التوقعات. لكن الكثير أيضا منهم ومن جنسيات مختلفة ما يزالون مقيمين بشكل غير نظامي وغير قانوني وهؤلاء يمثلون خطرا كبيرا على المنظومة الأمنية في تلك المناطق.

ولعل الخطوات التي اتخذت مؤخرا في مكة المكرمة والمدينة المنورة ستتبعها خطوات لاحقة من قبل وزارة الداخلية ووزارة تنمية الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية وهذا ما نأمله ونتمناه بالفعل في هذه المرحلة لعلها إن شاء الله تساهم في إنهاء إشكالية مزمنة ظلت تتراكم لسنوات طوال تحت بند المسكوت عنه.

كاتب سعودي

ALOKEMEabdualrh@