-A +A
علي محمد الحازمي
لا تحتاج إلى معلومات استخباراتية لمعرفة عمق العلاقة بين تركيا وإسرائيل، كل ما عليك فعله هو الذهاب في عطلة صيفية إلى أحد منتجعات مدينة أنطالية التركية الساحلية لمشاهدة الأعداد الكبيرة للسياح الإسرائيليين هناك، حيث تعتبر المدن التركية الساحلية هي الوجهة الأولى المفضلة للإسرائيليين صيفاً، فقد بلغ عدد السياح الإسرائيليين في تركيا 480 ألف سائح في العام 2019 بزيادة قدرها 19% عن العام 2018، في المقابل تتزين القوائم المالية للشركات التركية العقارية بإيرادات مالية ضخمة مقابل بناء العديد من الأبراج السكنية أو المكتبية في تل أبيب.

العلاقات التركية - الإسرائيلية ليست وليدة اللحظة، فتركيا أول دولة إسلامية تعترف بالكيان الصهيوني في العام 1949، وفي عام 1996 وقعت تركيا وإسرائيل اتفاقية للتجارة الحرة، ثم في العام الذي يليه دخلت معاهدة منع الازدواج الضريبي حيز التنفيذ، فيما وقعت معاهدة الاستثمارات الثنائية في العام 1998.


على الرغم من مسرحية التوترات الدبلوماسية «الكذبية» التي تشهدها العلاقات بين البلدين من وقت إلى آخر إلا أنه في نفس الوقت يعتبر العام 2003 هو نقطة الانطلاقة الحقيقية للعلاقات الاقتصادية التجارية بين البلدين، وذلك عبر تعيين ملحق تجاري لأول مرة في السفارة التركية في تل أبيب.. هذا التاريخ يتوافق مع سطوع نجم حزب العدالة والتنمية بقيادة رجب طيب أردوغان في تناقض غريب يكشف زيف هذا العداء، فمنذ ذلك التاريخ زاد حجم التبادل التجاري بين البلدين 5 أضعاف عما كان عليه من قبل، يترافق مع تلك الزيادة التجارية ارتفاع الخطابات الشعوبية الأردوغانية التي تدغدغ مشاعر المسلمين على وجه العموم والعرب على وجه الخصوص والتي تصف دولة إسرائيل - الشريك التجاري المهم - أنها دولة الإرهاب، في متاجرة فاضحة بالقضية الفلسطينية من أجل التعتيم على عمق العلاقات الاقتصادية التركية - الإسرائيلية.

دائماً لغة الأرقام هي من تبين الحقائق، وهذه اللغة تُظهر أن تركيا وإسرائيل قد وصلتا إلى مراحل لا يمكن لأي أحد منهم أن ينفك عن الآخر، فمنذ أن تولى أردوغان رئاسة الوزراء في العام 2003 وهو يراهن على أهمية الانفتاح الاقتصادي على إسرائيل ويرى أنها دولة مهمة ومستقرة سياسياً، لهذا تعد إسرائيل اليوم واحدة من أهم 10 أسواق تصدير للمنتجات التركية على مستوى العالم. وصل حجم التبادل التجاري ذروته في السنوات الأخيرة عندما بلغ بين البلدين في (العام 2019) 6 مليار دولار بزيادة قدرها 18% عما كانت عليه في العام 2018 وبزيادة قدرها 300% عن العام 2005.

كاتب سعودي