-A +A
السيد محمد علي الحسيني

مع حلول شهر رمضان المبارك، تبدأ المنافسة في البرامج، لكسب أكبر عدد من المشاهدين، وصولاً إلى مغنطة العقول وتوجيهها نحو مناح محددة، قد تكون خطيرة على توجهاتهم وحياتهم، مستغلين الفراغ الموجود، والجهل المستشري، لذلك نجد أن التصدي لها يكون عبر صوت الحق المتنور بالعلم والعقل، ولغة المنطق والفكر الثاقب، وهي مهمة يتصدى لها العلماء الربانيون، أهل العلم والبصيرة الذين سخروا حياتهم خدمة لدينهم ومجتمعاتهم من خلال طرح برامج توجيهية وإرشادية لتنوير عقول الناس، وتجديد الفكر بما يعكس حقيقة ونظرة الإسلام الحقيقي.

برنامج «بالتي هي أحسن» رؤية جديدة..والشيخ العيسى يقدم خطاباً دينياً أصيلاً ومتجدداً.

في مرحلة تعد من أخطر المراحل وأدقها، يطل علينا معالي الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي الدكتور الشيخ محمد بن عبدالكريم العيسى في برنامج «بالتي هي أحسن» مقدماً لنا نموذجاً فريداً في شرح مبادئ الإسلام الأساسية المبنية على قيم العدالة والتسامح، قيم تم طمس معالمها لسنوات من قبل الظلاميين، ليأتي الشيخ العيسى ويطرح بأداء مميز، وأسلوب علمي متجدد، رؤية فكرية متنورة وسطية ومعتدلة، يحاوره الإعلامي المميز عبدالوهاب الشهري بمهنية عالية وأسلوب إعلامي راق، مع حسن اختيار الأسئلة وطرحها بطريقة سلسة دون أي تعقيدات لبلوغ الغاية السامية من هذا البرنامج القيم والاستفادة.

«بالتي هي أحسن»..حاجة وضرورة

لاشك أن عنوان البرنامج «بالتي هي أحسن» هو الاختيار الأمثل تم استقاؤه من قوله تعالى: «ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن» وهي آية تعكس النهج الوسطي الذي يقوم عليه الإسلام.

إن قضايا أمتنا المليئة بالتصادمات والانقسامات والاختلافات على مختلف الأصعدة، بحاجة ماسة لحوار إيجابي، ديني وفكري وحياتي قائم على مضامين هذه الآية الكريمة، التي يستخلص كنوزها علماء متنورون ضالعون لهم كفاءة دينية وعلمية عالية، ولاشك أن أهمية البرنامج الذي تعرضه قناة الـ mbc في شهر رمضان المبارك تكمن في توقيته المهم والحاجة إلى الحوار البناء مع مختلف شرائح المجتمع، فهو السبيل الأمثل لمعالجة الكثير من المشاكل والأزمات وسد الثغرات التي تتسرب منها الأفكار الضالة المضلة التي سعت في عقول الناس تخريباً، وشوهت المفاهيم الإسلامية الناصعة القائمة على التسامح والمحبة والرفق، والكلمة الطيبة التي رسخها الإسلام «ألم تر كيف ضرب الله مثلاً كلمة طيبة كشجرة طيبة أصلها ثابت وفرعها في السماء تؤتي أكلها كل حين».

الشيخ العيسى رمز وشخصية قيادية استثنائية

إن المرحلة الضبابية التي تشهدها أمتنا بحاجة إلى مصابيح لكشف الدجى عنها، ولانبالغ بل نؤكد أن معالي الدكتور الشيخ محمد العيسى هو الشخصية القيادية المهمة والملهمة، التي أبلت بلاءً حسناً وقدمت وتقدم مجهودات كبيرة خدمة للإسلام والوطن.

ويتصدى فضيلته لكل هذه التحديات بما له من خبرة كبيرة، التمسناها من خلال زياراته ونشاطاته المستمرة التي رافقناه فيها لمعظم بلدان العالم، ومازالت مستمرة رغم الحجر الصحي العالمي الذي لم يثنه عن مواصلة مسيرته المشرقة، ليعرف بحقيقة الإسلام ومنهجه الوسطي، ودور المملكة العربية السعودية في دعم القضايا الإنسانية المختلفة.

إن معالي الشيخ محمد العيسى يعد من أبرز القيادات الدينية على مستوى العالم، وبرنامج«بالتي هي أحسن» فرصة ذهبية لتسليط الضوء على علمه وحكمه وتجاربه التي أسهمت بشكل كبير في مد جسور اللقاء والتقارب بين مختلف شرائح المجتمع، من خلال رفض التنصيف السلبي والإقصاء وتبين مخاطر الفرقة والانقسام والدعوة إلى ضرورة الحوار مع أتباع الأديان والتعايش ورفض العنف بسبب انتمائهم الديني.

إن دور الشيخ العيسى ليس دوراً مؤقتاً بل هي مهمة لغاية خالدة، لأن جوهرها مبادئ وقيم الإسلام التي لا تتلون ولا تتغير باختلاف الزمان والمكان، لذلك نجده حريصاً على توجيه المسلمين المقيمين والمواطنين في الغرب على الالتزام بقوانين الدول والاندماج فيها، كما يبذل جهوداً ومساعي ملفتة في رعاية المؤتمرات الإيجابية (إعلان وثيقة مكة المكرمة التاريخية)، خاصة الداعية إلى الوحدة الإسلامية وتعزيز استقرار الدول وتمكين المرأة والتنبيه لمخاطر حركات الإسلام السياسي، وهذا سيشكل مناعة قوية للمرحلة المقبلة وتجنيب أمتنا الكثير من المآسي بسبب مخاطر الفكر الضال الذي شكل ويشكل تهديداً كبيراً في استقرار الأمم ووجودها.

*أمين عام المجلس الإسلامي العربي في لبنان.