-A +A
خالد السليمان
جميل أن «يصحو» أحدهم من نومه يوما ليكتشف أنه كان على خطأ طيلة حياته ويغير رأيه، فقد تضلل الإنسان معلومة كاذبة أو حقيقة غائبة، وقد يقع تحت تأثير الثقة العمياء بشخصية مؤثرة فينقاد خلفه ويسلمه عقله، لذلك كان باب العودة عن الخطأ مفتوحا دائما للباحثين عن الحقيقة !

وفي حالة صحوة «المؤثر» نفسه، فإن الفائدة أعظم، لكن طريق العودة أطول، فالمسألة ليست رأيا شخصيا يتبرأ منه أو ثوبا يبدله داخل حجرته الخاصة، بل تكفير عن تأثير تجاوز ذاته إلى مئات وربما آلاف وربما ملايين المضللين من أفراد المجتمع، وبالتالي تلحقه جريرة كل ما ترسخ في أذهانهم ونتج عن أفعالهم بناء على هذه الآراء المضللة !


ولا يجب أن نعتبر المتسببين بـ «الغفلة» أبطالا عند صحوتهم، فطلب المغفرة من المجتمع والعودة إلى الحق فعل حميد لكنه بكل تأكيد ليس بطولة، فمن عاش تحت أضواء التضليل لا يستحق أن ينال المزيد من الأضواء، بل قدره أن ينسحب إلى الظل ليكفر عن ذنبه ويكبح جماح شهوة الشهرة، ويتوقف عن محاولة التحكم بأفكار الآخرين والشعور بأنه يملك حق التأثير في كل أحواله وتقلباته !

ويسأل سائل هل هم صادقون، هل أفاقوا من أحلامهم الوهمية فجأة ليجدوا الحقيقة أم أنهم يسايرون الأمر الواقع؟! فأجيبه: أمرهم في ما يتعلق بأنفسهم إلى الله، أما في ما يتعلق بالآخرين فالأمر لوعي المجتمع ومدى شعوره باستمرار حاجته لمن يقود فكره ويمتلك عقله، فمجتمع دولة الخلافة الموعودة الذي صوروه مثاليا لم يتحول فجأة إلى مجتمع يرخص للخمور ويقنن المثلية، والخليفة المنتظر لم يُكتشف فجأة أنه يجاور الخمارات ودور الدعارة، لكن على الأقل سيتوقفون الآن عن تبرير تلك التناقضات !

الخلاصة.. قد يمنحهم المجتمع الغفران لكن لنتذكر أن المؤمن لا يلدغ من جحر مرتين !