-A +A
علي بن محمد الرباعي
وقّعت مجموعة عصافير فوق الجناح تتلقط مقسوم الله. بعضها مرهوب من البسّة المحتضنة فروخها بين رجليها وعينها على فرفرة قريبة. الهدهد يبشّر بقدوم الفيحة، من فوق اللوزة (هُدهُدهدهد) وتجاوب زوجته من الحماطة (بِيخ).

وجّهت «سميرة» بناتها، فقالت للكبرى: حوقي عتبة الباب والساحة، ورشي بالأبريق موية حتى لا ينوض الغبار، وأمرت الوسطى بلقط البيض من تحت الدجاج، وطلبت من الصغرى تعجن الطحين.


تناولت القِربة، والدلو وسرحت تستقي. حاولن الجارات استدراجها للبوح بما رتّبت لحفلة الليلة فردّت «إذا جيتن تشفن بعيونكن» عادت وتناولت المبخرة، ولقطت الجمر، ووضعت فوقه الجاوي والمستكة والدخون، وبخرت المجلس.

عاد الشايب من الوادي متغرز ثوبه في حزامه، أقدامه ملطّخة ببقع الطين، بعد ما وزّع الشِرب في القصاب. بغى يدخل فدفعته بيدها في صدره وقالت أقعد عندك فوق المدماك لين أعبي الإبريق وأصب عليك تغسل حويسك.

نظر لعينيها المكحلتين، قال «حجواك الله وش لقيت في الركيب»؟ قالت «ضِربان وإلا نيص»؟ قال «ليته، والله لقد تعارك فيه اثنين لين أغدوا القضب عجينة. ضحكت: وقالت: بعد يمديك على الروايا. إذا صليت الظهر أطلب الفقيه يجي يذبح معك «النيبة» الجماعة عندهم ضيف والعريفة جاء صبحا وقال لي السرى فينا، وأوصته مرّ على شاعرنا وخلّه يجي بدري.

شمّ الشاعر رائحة تشويط الرأس فحمل خيزرانته وأقبل عليهم ناولته سميرة شواة ما أعجبته فوضعه في فمه مردداً (العوض ولا الحريمه) فلبست الثوب الزم الأسود، المطرزة أكمامه بالقصب، وتناولت دلّتها وجلست أمامه. شغب بالصوت «وشّ حدّني عن السفر من ديرتك وش لي آنا».

لبست كل واحدة من البنات كُرتة، وربطت وسطها بشال أحمر أطرافه مدلدلة. وتوافد الجماعة، وبدون موعد قدم شاعر من قرية مجاورة. تعشّوا عشا الرحمن. وطلب الفقيه من زوجته تعطيه الدفّ، وبدأ ينقر ويحتلج، فقال الشاعر الضيف «لعبنا ذا الليل للصبح الصبوح وإلا خلوا بن سحمي على بيته يروح».

امتد اللعب حتى منتصف الليل فانتشى شاعر القرية «ألعبوا يا نا فداكم، ألعبوا وإلا سرينا، دنّت القمرة علينا». علمي وسلامتكم.

Al_ARobai@