حقا، كم هو محزن ومؤلم ما حدث في القطيف يوم الجمعة الماضي من فقد لأرواح بريئة مؤمنة، اختطفت حين كانت واقفة آمنة في بيت من بيوت الله تؤدي شعيرة الجمعة في يوم من أيام الله المفضلة.
ولكن ما كان أكثر إيلاما وأشد إثارة للحزن والأسى، أن ذلك الحدث المفزع كان بيد واحد منا، ابن من أبنائنا، ولو أنه حدث بيد غريبة، أو نتيجة كارثة طبيعية لا يد لأحد في وقوعها، لربما كان وقعه على القلب أهون، وألمه أخف!!
رغم أن تنظيم داعش بادر بإصدار بيان يفخر من خلاله بتبني تلك الحادثة البشعة، إلا أن الحقيقة الفعلية، التي تطعننا في الأعماق، هي أن داعش ما كان لأتباعه أن يجدوا موطأ قدم بيننا لو لم يكن فينا من يمهد لهم الطريق ويفتح لهم الأبواب، حتى وإن لم يكن عن عمد، فهذا الإجرام الذي يتفاخر داعش بأنه فاعله، ما كان له أن يقع، لو لم تشتعل داخل مجتمعنا منابر وقنوات وصفحات تويتر والفيس بوك والصحف الإلكترونية والورقية وغيرها، بحطب التحريض؛ لأن المحرضين على الكراهية يتجاهلون أننا كلنا مسلمون، مفضلين ألا يعترفوا بتلك الحقيقة؛ حتى يكون المجال أمامهم أوسع لبث روح التعصب وتغذية الأحقاد واستباحة الدماء، فكان أن نجحوا في تربية أفراد رضعوا حب الإفساد في الأرض، وصاروا يمارسونه وهم يظنون أنهم يحسنون صنعا.
وما نرجوه الآن هو أن يكون في وقوع هذه الحادثة المفجعة في القطيف وما قبلها من حوادث، صفارة إنذار توقظ فينا الشعور بمدى ما ننساق إليه من خطر متى استمررنا على ما نحن فيه من تبادل قذائف الكره والتحريض ورفض التسامح والقبول للمختلف عنا.
ولعل الوقت قد حان لتتجه وزارات الشؤون الإسلامية والإعلام والتعليم إلى معالجة هذه الدعوات البغيضة الداعية إلى النفور والعداوة بين الأطياف، بتبنى حملات مكثفة تدعم روح التسامح والتقبل والرفع من الوعي بأهمية الوحدة بين أبناء الوطن الواحد في مواجهة العدو وهزيمة المفسدين في الأرض، وفي الوقت نفسه تحكم قبضتها على كل من يتلفظ أو يخط بيده حرفا ينجم عنه إثارة الفتنة وخلخلة الأمن والاستقرار.
رحم الله الموتى، وألهم أهلهم الصبر ولا حرمهم الأجر، وشفى الجرحى وألبسهم عن قريب ثوب الصحة والعافية، ولا حول ولا قوة إلا بالله.
الإفساد في الأرض !!
24 مايو 2015 - 19:43
|
آخر تحديث 24 مايو 2015 - 19:43
تابع قناة عكاظ على الواتساب