معـنى .. «وإذا خاصم فجــر»
22 نوفمبر 2014 - 19:31
|
آخر تحديث 22 نوفمبر 2014 - 19:31
تابع قناة عكاظ على الواتساب
في التنظير عن المثاليات الأخلاقية للاختلاف في الاجتهادات بأنواعها، وبخاصة الاجتهاد في المجالات الدينية، يكثر ذكر مبدأ «أدب الخلاف»، لكن على أرض الواقع أكثر وصف يستعمل لتوصيف الواقع هو «إذا خاصـم فجـر»، وهو تعبير ورد في الصحيحين عن صفة من يحمل مظاهـر الإيـمان، لكن لا حقيقة للإيـمان في أخلاقه وسلوكه، ويظهـر هذا التناقض بين ظاهـره وباطنه عندما تمتحن مصداقية المثاليات التي يدعيها (أربع خلال «صفات» من كن فيه كان منافقا خالصا: من إذا حدث كذب، وإذا وعد أخلف، وإذا عاهد غدر، وإذا خاصم فجـر. ومن كانت فيه خصلة منهن كانت فيه خصلة من النفاق حتى يدعها). ومعنى «إذا خاصم فجـر» أنه عند الاختلاف يتجاوز كل الحدود والمثاليات الأخلاقية، ولا تبقى وسيلة مهما بلغ انحطاطها ليس مستعدا لاستعملها للنيل من خصمه، ودائما هذه صفة من يعجز عن الرد على حجج خصمه، إما لافتقاره للتأصيل العلمي والفكري، أو لكون حجج الخصم مفحمة؛ ولهذا يلجأ للاغتيال المعنوي لشخص من يختلف معه، وذلك بإسقاط التهـم المسيئة والتصنيفات المعممة المدينة، حتى التي لا أساس لها من الصحة ولا قرينة عليها، والتشكيك بالنوايا والاستقامة الأخلاقية، ويصبح كل همه الخلاص من خصمه حتى لدرجة استحلال اغتياله المادي، إما بالتحريض المباشر، أو بوصمه بالتصنيفات التي عقوبتها القتـل كالردة والعمالة والخيانة الوطنية، ومثل هذا النمط ــ بحد ذاته ــ يدل على أمرين؛ الأول: أن هذا الخصم لا حجة مقنعة له للرد على حجج خصمه. والدلالة الثانية للفجور في الخصومة: أن من يفجـر بالخصومة يفتقـر للمنظومة الأخلاقية والسلوكية المثالية التي تعتبر من أسس النزاهة الفكرية. ولهذا أبسط وصف لأدب الاختلاف، وحتى الخلاف، هو أن لا تكون صفة المختلف أنه «إذا خاصم فجـر».