لازالت النجيلة العشبية لملعب الصبان أول ملعب رياضي في المملكة تغتسل بانفاس الاقدام الراحلة التي كانت تداعب الكرة في خفة ورشاقة.. ملعب عقدت ارضيته صداقة مع لاعبين رحل بعضهم ولا يزال آخرون يعيشون طقوس هتاف الجماهير في السنين الخوالي بين الامس واليوم جرت مياه كثيرة تحت الجسور
ولكن لازال «حوار الاماكن» يعقد صفقة مع أبو الملاعب الرياضية في المملكة خاصة بعد ان اصبح مقرا لنادي الربيع وهو بذلك يحاول استعادة ربيعه الغارب.
لازلت اتذكر تلك العشبة المغلفة بانفاس الصيف حينما اصطحبني ابن عمتي لمشاهدة عمالقة الرياضة وهم يلعبون على ارضية ترابية انه تاريخ وجزء من حراك الحركة الرياضية في المملكة.
وتشير بوصلة التاريخ الى ان ملعب الصبان بدأ ينبض بانفاس كرة القدم من خلال رسم دخول قدر بريالين رغم ان الملعب كان عبارة عن حوش مفتوح ثم اكتمل بمدرجات في الدرجة الاولى من الناحية الغربية وللدرجتين الثانية والثالثة من الشمال والشرق والجنوب وبعدها اصبح سعر التذكرة اربعة ريالات للاولى و 3 للدرجة الثانية وريالين للدرجة الثالثة واستمر الملعب يحتضن المباريات المحلية ومنافسات الفرق الزائرة حتى تم اغلاقه في العام 1979 والانتقال الى الاستاد الرياضي الحالي والذي اطلق عليه اسم الامير عبدالله الفيصل.
تاريخ الملاعب
الدكتور أمين ساعاتي يستعيد في اصداره تاريخ الحركة الرياضية في المملكة» نفحات من ملعب الصبان مؤكدا ان تاريخ الملاعب يعود الى تاريخ نشأة كرة القدم في المملكة حيث كانت الاندية تلعب في اراض بيضاء بسبب ضعف النواحي المادية في الماضي وفي العام 1351 انشئ نادي الاتحاد ولحق به نادي الاهلي في العام 1369 وكان يمنع دخول المتفرجين الا بعد دفع رسم التذاكر المفروضة.
تنظيم الحركة الرياضية
وفي العام 1370 تبرع الامير عبدالله الفيصل وزير الداخلية في ذلك الوقت بقطعة ارض الى الوجيهين حسن وعبدالرحمن سرور صبان واشترط عليهما حسب قول المؤرخ الرياضي امين ساعاتي بناء ملعب عليها وفعلا شرعا في ذلك وقد تزامنت فكرة بناء الملعب الرياضي مع فكرة انشاء اول مؤسسة حكومية تشرف على تنظيم الحركة الرياضية وتضع نظاما لتسجيل الاندية في المجال الاهلي (اللا مدرسي) وكان ذلك في العام 1373هـ حينما اصدر الامير عبدالله الفيصل تعليماته بانشاء ادارة الشؤون الرياضية وكلفها بوضع اول نظام للاندية.
ويتذكر ساعاتي انه اول مرة دخل فيها الى ملعب الصبان كان عن طريق اللاعب زهران ابيض والسبب يعود الى عدم امتلاكه قيمة تذكرة الدخول لذا فانه حينما اصبح لاعبا في نادي الاتحاد فانه حرص على ان يدخل معه الذين لا تسمح لهم ظروفهم المادية بدفع قيمة التذكرة.
العودة الى الماضي
ويبدو ان الساعاتي اعادني الى الماضي حينما كنت قبل كل مباراة اتذكر كيفية الدخول الى الملعب دون ان ادفع قرشا لانني كنت اعرف ان جارنا العم حسن غروي ميالا لكرة القدم وكنت اذهب الى بقالته واساعده في تنظيف المعلبات وحينما كان يبتسم ويقول اليوم تجري مباراة هامة وجئت لتذكرني بها واذهب معه بالدباب الى الملعب ولكنه كان يطلب مني ان أوفر قيمة التذكرة وفي بعض الاحيان كان يدفع لي قيمة التذكرة وفي احيان اخرى يتركني بجوار الملعب حيث كنت اتسلل مع الداخلين الى الاستاد وفي مرات كثيرة يضبطني الحارس ويلقي بي في الشارع. وفي بعض الاحيان كنت اتسلق الحائط الطويل المدعم بشظايا الزجاج رغم ادماء يداي ولكن تلك الجروح كانت تهون امام مشاهدة الاتحاد والاهلي في منافسة حامية وفي بعض الاحيان كنت اتفق مع ابن عمتي محمد بشراء القليل من «الفصفص» وقرطسته وحمله في صينية والدخول الى الملعب لان الباعة كان يسمح لهم بالدخول.
ميدان عريق
وبعودة لحديث الدكتور ساعاتي يضيف قائلا عن هذا الاستاد العريق ان الشيخ عبدالرحمن سرور الصبان قام بصرف 80 ألف ريال لبناء ملعب الصبان حتى اصبح يستوعب 12 الف متفرجا وقدرت ايراداته من المباريات الهامة نحو 50 ألف وكانت ادارة الصبان مسؤولة عن حماية الملعب قبل المباراة بايام وبالذات في مباريات الوحدة والاتحاد والاهلي لمنع من يحاول دخول الملعب خلسة دون ان يراه احد لوضع ما يسمى عند العامة بـ «الدنبوشي» وقد كان بعض السذج من انصار الفرق الرياضية يتسلقون السور ليلا لوضع بعض اعمال الدجل عند المرميين بحجة انها تمنع من دخول الكرة الى المرمى بسلام.
واضاف ان اسوار الملعب كانت تشهد قبل المباريات وبالذات ليلا مباراة من نوع اخر بين مناصري الفرق الرياضية لدرجة الوصول للضرب بالعصي والحجارة.
مباريات الكبار
ويستطرد ساعاتي ان ملعب الصبان شهد العديد من المباريات للفرق الاجنبية منها مباراة بين منتخب وزارة الصحة المصرية والاهلي المصري والزمالك والهلال السوداني والمريخ السوداني وفريق المودة من السودان ومنتخبات اخرى من مختلف الدول لكنه لم يشهد اي مباريات بين الفرق السعودية ونظيراتها من دول الخليج العربية.
الدوري العام
واضاف ان اهم مرحلة من تاريخ الملعب هي اقامة الدوري العام على كأس جلالة الملك ودوري كأس سمو ولي العهد وكان ذلك في العام 1377هـ. ومن الايام المشهودة لملعب الصبان كما يقول ساعاتي مباراة «الثغر» والاتحاد في العام 1386هـ خاصة بعد عودة الثغر «الاهلي» حاليا من لندن وفي ذلك اليوم تدفقت الجماهير الرياضية من انحاء جدة ومكة المكرمة لحضور هذا اللقاء وفي تلك «المعركة» الكروية انتصر الاتحاد بـ «8» اهداف لهدفين.
كما ان جماهير الاتحاد بعد انتصار فريقها ساروا باقدامهم لمسافة 15 كلم من ملعب الصبان الى المقر القديم للنادي في البغدادية.
ومن اشهر الوجوه الرياضية في ذلك الزمن قال الساعاتي ان العم سعد مبروك باحسن كان من اشهر حراس المرمى الذين شهدهم ملعب الصبان واللاعب حسن هارون.
شهد صراع العمالقة وطلاسم الدنبوشي
الصبان شيخ الملاعب وذاكرة النجوم
16 مارس 2007 - 01:39
|
آخر تحديث 16 مارس 2007 - 01:39
تابع قناة عكاظ على الواتساب
محمد الهتار (جدة)