قبل
ثلاثة أسابيع خيم الصمت على عائلة عائض الرفاعي، بعد أن تركهم والدهم إلى الأبد ورحل إلى جوار ربه هو وابنه برصاصات غادرة.
وفي التفاصيل أن رجلا من بني جلدته قدم إلى أرضه، وكان المجني عليه بالقرب من مواشيه، ولم يدر بأن طلقات أربع عابثة ستتوجه صوبه في رابعة النهار تخترق رأسه، وترديه قتيلا في منظر مروع هال عائلته وأبقتهم في حزن ثقيل.
عائض الرفاعي (48) عام وابنه حسين (14)عاما، خلفوا وراءهم خمسا من البنات وأخوين أحدهما في دورة عسكرية بما لم تدع له الدورة فرصة للذهاب إلى ذويه بعد وقوع الجريمة، والآخر «سلطان» ابن الثمانية أعوام لايقوى على مسؤولية القيام بما يقوم به الأب لأبنائه.
أم فالح رصدت لـ «عكاظ» وقائع الحادثة المشؤومة بكثير من الأسى والدموع على خديها وتعود بذاكرتها الواهنة إلى قرية الفجيعة من قرية «البعيثة» التي فجعتها في زوجها وابنها، وتابعت: لم يتبق لنا عائل سوى طفل صغير يتلقى تعليمه في الصف الثاني الابتدائي، يقوم على حاجات الأسرة من رعاية وتوفير متطلبات وحماية.. قريتنا معزولة ونحن مسكونون بالخوف و لا نعيش في مأمن من الجوع والهم والضنك، ولا يحيط ببيتنا المتهالك أية بيوت.
كما روت ابنتها نورة «25» عاما مطلقة ولها ابن واحد حرمت من حضانته «سرحني زوجي بلا ورقة ثبوتية مكتوبة، و أبقى ابنه معه، بعدها اتجهت إلى أهلي للعيش معهم في أيام يعلم الله أننا لا نجد فيها من قوت يومنا سوى بعض اللقيمات التي بالكاد تكفينا وتقيم صلبنا، وفي أحيان كثيرة لا نجد أي لقمة».
وأردفت نورة «لنا أخت صغيرة تدعى ريم تبلغ من العمر «5» أعوام، مصابة بالعوق في أطرافها، تتمدد على الأرض وتجهش بكاء ونصبا دون مجيب، كما أن حالتها الصحية تسوء ولا نجد من يمد يد الغوث لنا فالجيران على مبعدة منا».. وتستلهم ما كان من ذكريات مؤلمة ساعة حدوث جريمة قتل ذويها «حين جاء أخي الأصغر وهو يذرع هواء القرية الملوث بدماء أبي وأخي، والذي كاد أن يلحق بهما لولا العناية الإلهية التي أوحت له بالاختباء، جاء ملتاعا وعلى وجهه الطفولي خوف كثيف، متمتما بكلمات غير مفهومة فعرفنا من افترار فمه مايوحي بثمة جريمة بشعة ضحيتها أبي وأخي».
وفي نهاية القصة التراجيدية المؤلمة أكدت نورة ابنة المجني عليه أن وقتا طويلا حال دون وصول أتباعهم من أهل القرية ، الذين فصلت المسافة الزمنية بينهم وبين وصولهم إلى مسرح الجريمة، الذي يقدر بحوالي الساعة إلا ربع، لكن الأب مالبث أن لفظ أنفاسه باكرا قبل وصول أي منقذ، وابنه نقل سريعا إلى مستشفى الملك فهد بالباحة وكان ميتا سريريا مدة أسبوع، ثم بعد ذلك لحق بأبيه.
أم فالح مجهدة الفكر بشأن مستقبل بناتها وأولادها، تتحدث إلى «عكاظ» بصوت يغلب عليه الألم، وترتقي سلالم الأيام بخطوات واهنة، لا أحد يأخذ بيدها لتجتاز أيامها الرمادية.
تسوق لنا حكاية ذويها وفي أعماق شعورها شك يقيني بأن يد العدالة أقوى من أي يد باطشة، وأن الله تعالى سيخلف عليها فيما تبقى من أسرتها خيرا، وسوف لن تدخر أملا في أن في عتمة الأيام أناس من ذوي الأيادي البيضاء سيغدقون عليهم بكرمهم بما سيوسع من الجائحة التي عرت ما تبقى من مشاعرهم المدفنة.
وختمت بالقول «غاية أملي أن يخصص لنا بيت آخر بعيد عن بيتنا حتى وإن كان أكثر بساطة وتواضعا، فالبيت خط على جدرانه معالم الجريمة، وتردد في أركانه صدى صوت من ماتوا، علنا بذلك نستطيع محو الذكريات الأليمة».
الجدير بالذكر قوله، إن الجاني مثل أمام الشرطة بعد أن سلم نفسه طواعية، واعترف بجريمته التي ارتكبها في حق أناس عزل يمتون له بصلة القرابة، ودون أن يصادف تلك الجريمة فعل شائن أو أي سبب مقنع.
السجين الجنائي عبدالله جاسر يرزخ الآن خلف القضبان الحديدية، بسجن الباحة العام لحين الانتهاء من استجوابه ومن ثم تمثيل جريمته.
4 رصاصات أنهت حياة زوجها
أم فالح ضحية الترمل وهمّ التربية
18 أبريل 2013 - 20:07
|
آخر تحديث 18 أبريل 2013 - 20:07
أم فالح ضحية الترمل وهمّ التربية
تابع قناة عكاظ على الواتساب
عبير الزهراني «الباحة»