لم يفهم أحدهم معنى عبارة «حكمت فعدلت فأمنت فنمت» التي هتف بها رسول كسرى عندما قدم على الخليفة العادل الراشد سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه فسأل عنه فوجده نائما تحت شجرة بلا حراسة أمنية، وعدم الفهم قاد إلى تخطئة النظام الذي كان عليه الخلفاء الراشدون لأنهم لم يتخذوا لأنفسهم على حد قول «الفاهم!» كتائب حراسة تدفع عنهم الغوائل، «وكم من عاتب قولا سليما وآفته من الفهم السقيم»، ولذلك فهو يؤيد إحاطة الحكام بالأمن المدجج بالسلاح ويعتقد أنه سوف يحميهم من أقدار الله إذا جاءت فلا يستطيع أحد الوصول إليهم فتطول أعمارهم سواء كانوا عادلين أم طغاة!
وبناء على ما تقدم ذكره من تفسير سقيم للعبارة التاريخية فإني ألخص فهمي لها في النقاط الآتية:
أولاً: إن عبارة حكمت فعدلت فأمنت فنمت تعني أن رسول كسرى قد أقر لعمر رضي الله عنه أنه حكم فعدل فشعر بالأمان فنام قرير العين، وهذا يعني أن الخليفة الراشد كان يشعر بالطمأنينة النفسية لأنه حاكم عادل لم يظلم أحدا من رعيته أدنى ظلم بل كان يحمل نفسه مسؤولية حماية الدواب من العثرات لأنه لم يمهد لها الطريق، فالأمن هنا بمعنى الشعور بالطمأنينة وهي نعمة عظيمة لا يشعر بها الطغاة الظلمة في أي عصر ومكان، لأن ظلمهم يجعلهم يتوجسون خيفة من حصول اعتداء عليهم في أية لحظة فهم لا ينعمون بالإحساس بالأمان الذي ينعم به الحاكم العادل.
ثانيا: إن الاغتيال السياسي الذي تعرض له الخليفة الراشد لم يكن بسبب ظلمه لأحد من رعيته بل بسبب حقد المجوس عليه لأنه فتح أرض فارس واهتدى بذلك الفتح معظم أهلها إلى الإسلام ولكن كان منهم من أعماه الكفر والحقد فانتدب الشقي أبا لؤلؤة المجوسي لعنه الله لاغتيال عمر، الذي كتبت له الشهادة وكان رضي الله عنه يتمناها فحققها الله له «وكان أمر الله قدرا مقدورا».
ثالثا: إن العديد من الحكام عبر التاريخ القديم والحديث شيدوا بروج الأمن حول أنفسهم ظنا منهم أن ذلك سوف يرد قدر الله عنهم ولكن القدر كان لهم بالمرصاد «قل لو كنتم في بيوتكم لبرز الذين كتب عليهم القتل إلى مضاجعهم»، وفي هذا يستوي الحاكم العادل والظالم، فمنهم من قتل في قصره ومنهم من قتل بين جحافل عسكره ومنهم من قتل في سفره ومنهم من قتل في حضره، فلم تمنعهم حصونهم ولا عساكرهم من الله في شيء، ومن يعتقد غير ذلك فإن إيمانه بالله ضعيف، وهذا لا يعني عدم اتخاذ أسباب الحماية ولكن المقصود هو أن العدل يجلب الطمأنينة للنفس وأن الظلم يجعل صاحبه في قلق وخوف فهو يموت في اليوم عدة مرات.
للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو 636250
موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 162 مسافة ثم الرسالة
بل حكمت فعدلت فأمنت فنمت!
18 فبراير 2013 - 21:08
|
آخر تحديث 18 فبراير 2013 - 21:08
تابع قناة عكاظ على الواتساب