روى أحد مثقفي الشفاهة الذي اكتسب ثقافته من خلال «مجالس الرجال» والروايات المتناقلة من جيل لجيل عبر اللسان، وليس الكتب عن مزايا وعظمة الذئب، ثم سأل الجميع: هل تعلمون أن الذئب هو الحيوان الوحيد الذي تخشاه الجن؛ لأنه وحده يأكل الجن؟
مثقف الشفاهة لم يكن يبحث عن إجابة بقدر ما أراد إلغاء الحوارات الجانبية لأشخاص لم يهتموا بمعلوماته القيمة عن الذئب، وأنه يشم رائحة دم الإنسان على بعد أميال، وأنه لا يأكل الجيف، وأنه يختار أفضل المواشي حين يهاجم قطيع غنم، وأن الذئب يملك ذكاء خارقا فيعرف إن كان راعي الماشية يحمل سلاحا أم لا.
حين اطمأن أنه مركز الوجود في الخيمة تابع: لماذا يخاف الجن من الذئب من بين الحيوانات المفترسة؟
جال بعينيه في الخيمة ليطمئن أن الجميع ينتظر إجابته، قال: للذئب خاصيتان: فهو إن وقعت عينه على جني لا يحول عينيه عنه، ويثبتهما عليه فلا يتحرك الجني، وإن كان يفصل بينهما واد.
والسر في هذا أن الجني يقيده النظر، فلا يستطيع الانصراف، وهذه الخاصية يعرفها من اشتغل في تحضير الجن.
الأمر الثاني: الأرواح عموما ـ سواء كانت روح ملاك أو جني ـ لموطئ قدم صاحبها على الأرض خاصية، وبالنسبة للجن، إن شعرت أن هناك جنيا بصورة أنسي، فضع قدمك مكان موضع قدمه، وهنا ستجعله يتسمر في مكانه ولا يذهب، والذئب حين يطارد الجني، يعدو خلف موطئ قدم الجني، ولولا هذا لما استطاع القبض عليه، فالجني أسرع.نعود للأسباب التي تدفع الذئب لأكل الجني، فهو موضوعنا هنا، فما رأي العلماء في ذلك؟
شعر بمتعة والعيون معلقة على شفتيه تنتظره يكمل، تابع: يؤكد العلماء أن للذئب قدرة خارقة على قهر الجان، وأن هذه القدرة تتمثل في عينيه اللتين لا تفقدان بريقهما حتى بعد موته، صحيح أنهم لا يملكون دليلا يؤكد أن الذئب يستطيع أكل الجن إن لم يتمثل على هيئة إنسان أو حيوان، لكن علماء الدين يرون الأمر بطريقة أخرى، يقول الشيخ عبد الله: «هكذا سمعنا من كثير من الناس، وذلك ممكن، فقد ذكر لي من أثق به أن امرأة كانت مصابة بمس، وأن الجني الذي يلابسها كان يخرج أحيانا ويحادثها وهي لا تراه، ويجلس في حجرها، وفي إحدى المرات كانت في البرية عند غنمها، وفجأة خرج ذئب عابر، فوثب الجني من حجرها ورأت الذئب يطارده، ورأته وقف في مكان ما، وبعد ذهاب الذئب جاءت إلى موضعه فرأت قطرة دم، وبعد ذلك فقدت ذلك الجني، وتحققت أن الذئب أكله، وهناك قصص أخرى، فلا مانع من أن الله أعطى الذئب قوة الشم لجنس الجن أو قوة النظر، فيبصرهم وإن كان البشر لا يبصرونهم ، فليس ذلك ببعيد».
ساد الصمت في الخيمة، قال أحد سكان الخيمة ـ موجها كلامه لأحد الأصدقاء الذي بدأ يعمل في إخراج الجن بعد أن لم يجد عملا: «ما رأيك يا أبو فلان تستخدم الذئب كوسيلة جديدة في إخراج الجن»؟
ضحك صغيرهم لأنه تخيل الذئب بجانب صديقه المقرئ والعاطل عن العمل، فيما أهل المريض يرتعدون خوفا من ذئب قد يكون جائعا، فلا يفرق بين الجني وأهل المريض.
انتبه أن السؤال لم يكن نكتة، وأنه من غير اللائق الضحك في موضوع جاد، اعتذر لجهلهم، أعني لجهله، لكنه فكر كثيرا بأنه يمكن له إن لم يجد عملا أن يربي ذئبا ويحقق أرباحا كبيرة، وسيجد زبائن كثرا، فهو لن يخرج الجن فقط مثل البقية، بل سيجعل الذئب يلتهم الجن، وهنا لن يعود ليسكن أجساد السذج من جديد.
S_ alturigee@yahoo.com
للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو636250
موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 127 مسافة ثم الرسالة
أكل الجن أفضل من إخراجهم
17 مايو 2009 - 23:05
|
آخر تحديث 17 مايو 2009 - 23:05
تابع قناة عكاظ على الواتساب