في الوقت الذي تستخدم فيه مكبرات الصوت وعلى نطاق واسع في المساجد لتنبيه المصلين بأوقات الصلاة، بدأت تظهر على الساحة بعض الانتقادات الموجهة للأئمة والمؤذنين من جيران تلك المساجد، بسبب تجاوز المعيار المحدد لمستوى الصوت من قبل وزارة الشئون الإسلامية والدعوة والإرشاد من بعض الأئمة والمؤذنين الذي لا يراعون من هم حولهم ويرفعون مكبرات الصوت بطريقة مزعجة وبأكثر من الحاجة.. فهل هناك تضخيم لهذا الموضوع كما يقول البعض؟ أم أنها مشكلة تحتاج إلى حل وقرار؟
( الدين والحياة) طرح هذا الموضوع على بعض المهتمين من أئمة المساجد والخطباء للوقوف على أن هذه الوسيلة هل هي للإبلاغ أم مصدر للإزعاج؟ حيث كانت الحصيلة التالية.
التوسط مهم
وأكد خطيب جامع الرحمة بجدة الشيخ خالد الحمودي أن الغاية والهدف من الأذان والصلاة إقامة ذكر الله تبارك وتعالى، ويقول الله سبحانه وتعالى: (في بيوت أذن الله أن ترفع ويذكر فيها اسمه يسبح له فيها بالغدو والآصال رجال لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة يخافون يوماً تتقلب فيه القلوب والأبصار) والمقصد الأسمى هو إقامة ذكر الله تعالى، وإبلاغ الناس بدخول وقت الصلاة وعليه فينبغي أن يكون الصوت في الأذان والصلاة بطريقة منخفضة مسموعة، وأن لا يكون رفع ذكر الله سواء في الأذان أو الصلاة باستخدام أجهزة الصدى المزعجة لأن هذه الأجهزة تتسبب في اختلاط بعض الكلمات، فتتغير المعاني فيلتبس على المصلين أو المستمعين، وأنا شخصياً وقفت على بعض الأضرار والأذى الذي لحق ببعض المرضى جراء رفع أصوات المكبرات بطريقة غير منضبطة، أما فيما يتعلق بمكبرات الأصوات الخارجية للمساجد فأرى أن تكون بطريقة متوسطة، ولا تكون عالية جداً أو منخفضة تماماً لأن هناك فوائد كثيرة في الصوت الخارجي منها إسماع الجيران لذكر الله من أذان وقراءة ونحوها، وفيها أيضاً تذكير للغافل، و أعرف بعض الشباب كانت هدايتهم من موعظة عابرة سمعها عبر مكبرات الصوت الخارجية وهو خارج المسجد، لكن كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: ما كان الرفق في شيء إلا زانه وما نزع من شيء إلا شانه، والتوسط في الصوت الخارجي أمر مطلوب لأن الإنسان يتأذى بالصوت المرتفع حتى إن الصحابة رضوان الله عليهم لما جلسوا يقرؤون القرآن أمرهم النبي صلى الله عليه وسلم بخفض أصواتهم، ولما ارتفع صوت بعض الصحابة بالتكبير قال: اربعوا على أنفسكم فإنكم لا تدعون أصم ولا غائبا ، إنكم تدعون سميعاً قريباً وهو معكم. فالمقصود أن يكون الصوت بطريقة متوسطة أو دون المتوسطة وهذا يرجع للقائم والمسؤول عن المسجد.
الصوت الحسن
إمام وخطيب جامع ابن نصير بمكة المكرمة الشيخ سجاد مصطفى الحسن قال: ربما لي رأي شخصي حول هذا الموضوع وأعتقد أن الصوت الحسن والمقبول ذو الأداء الجيد سواء في الأذان أو القراءة في الصلاة لن يكون مرفوضاً من أي أحد ولفتحوا نوافذهم لسماع ذلك، لأن الصوت الجميل يجذب الناس وتحبه القلوب، حتى إن بعض المصحات والمشافي تدعو إلى العلاج بالأغاني، وتعالج مرضاها بما يسمى بالموسيقى، فما ظنك بكلام الله سبحانه وتعالى وبكلمة التوحيد، فحينما يسمع المريض الأذان فيردد: أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمداً رسول الله، هذا في اعتقادي فيه إعانة للمريض وليس فيه إزعاج كما يقول البعض، لكن كما قلت نحتاج إلى صوت هادئ جميل له وقع في النفس فإذا وجدت هذه المعايير في الأئمة والمؤذنين خرجنا من كل هذه الخلافات والمشاكل، وسنجد تقبلاً من الجميع، وتبقى المشكلة حينما نسمع بعض الأصوات غير المقبولة أو من يعلي ويرفع صوته بطريقة مزعجة وغير جميلة، ففي هذه الحالة لا شك أن البعض قد تكون لديه ردة فعل، أما عن قفل مكبرات الصوت الخارجية فأنا أرى أن الأذان لا بد أن يرفع من المساجد، وهناك خلاف بين الناس في فتح المكبرات الخارجية حال قراءة الإمام فمن المعلوم أن المستفيد من القراءة هو من بداخل المسجد، أما من يكون بخارجه فهم قلة ممن يستفيدون، فلعل إغلاق المكبرات الصوتية يكون موافقاً للصواب، خاصة في الأحياء والمناطق التي يكون بها عدد من المساجد، حتى لا تختلط الأصوات، أما لو كان المسجد في مكان فضاء، أو لايوجد إلا مسجد واحد في ذلك المكان فالأفضل أن يعلو ذكر الله تعالى.
وفيما يخص إلقاء الدروس والمحاضرات أرى أن تكون داخل المسجد فقط، دون أن يسمع من بالخارج، وأرفض أن يقوم الإمام أو الواعظ بفتح السماعات الخارجية للمسجد أثناء إلقاء الدروس والكلمات، و بإمكان الداعية أن يذهب إلى النوادي وأماكن تجمعات الناس، ليبلغ دين الله تعالى لمن لا يأتون إلى المساجد، ولكني لا أؤيد أن يرفع الصوت بهذه المحاضرات التي قد تمتد لمدة نصف ساعة أو ساعة، لأن الفائدة غالباً تكون محصورة لمن هم بداخل المسجد ولا يستفيد من بالخارج من هذه الكلمات والمحاضرات.
المعيار المحدد
من جانبه يؤكد مدير الإدارة العامة للأوقاف والمساجد بمكة المكرمة الأستاذ بكر حامد مير، أن هناك شكاوى من قبل بعض جيران المساجد وانزعاجهم من أصوات مكبرات الصوت إلا أن هذه الشكاوى قليلة بالنسبة لعدد المساجد في مكة المكرمة، مبيناً أنها لا تعد مشكلة فيها، عازياً ذلك إلى عدم التزام بعض منسوبي المساجد بالمعيار المحدد من قبل الوزارة لمستوى الصوت مؤكدا في هذا الصدد أن هناك معياراً محدداً لمستوى مكبرات الصوت، سواء داخل المسجد أو خارجه و أن الإدارة تحرص على إلزام منسوبي المساجد بهذا المعيار، وتتولى أيضاً متابعة وتنفيذ هذا المعيار عبر مراقبي المساجد والمشرفين المختصين، والتعليمات تقضي بقفل مكبرات الصوت الخارجية في حال إلقاء الدروس والمحاضرات ونحوها والاكتفاء بمكبرات الصوت الداخلية، هذا الأمر ليس متروكاً لمنسوبي المساجد وجماعاتها بل هو منظم بالتعليمات في ذلك، و أرجو من منسوبي المساجد الالتزام بالمعايير المحددة لمستوى مكبرات الصوت، بحيث يحصل الإعلام المطلوب شرعاً مع مراعاة أحوال المجاورين للمساجد، كما نأمل منهم الاكتفاء بمكبرات الصوت الداخلية فقط في حال إلقاء الدروس والمحاضرات مراعاة للمصلحة العامة.
استمرار الجدل مابين مؤيد ومعارض للظاهرة
مكبرات الصوت في المساجد.. إبلاغ أم إزعاج!
22 أبريل 2009 - 23:04
|
آخر تحديث 22 أبريل 2009 - 23:04
تابع قناة عكاظ على الواتساب
صلاح عبدالشكور – مكة المكرمة