تعد حمى الضنك Dengue Fever من منظومة فيروسية تسمى الحمى النزفية الفيروسية.. وهي مجموعة أمراض تشترك فيما بينها باعراض وعلامات مشتركة.. مثل الحمى والتعب وفقدان الشهية والإعياء وفي الحالات الشديدة قد يصاب المريض بالنزف الظاهر أو الباطن وقد يدخل في غيبوبة تفضي به إلى الوفاة.
وتنتقل عدوى المرض عن طريق البعوض المسمى (إيديس Aedes).. فهو من أنواع العدوى المنقولة بالبعوض حسب تعريف منظمة الصحة العالمية.
ولقد تعرضت مدينة جدة خلال السنوات الثلاث الماضية لعدوى هذا المرض الوبائي.. إلى الحد الذي أدى بمنظمة الصحة العالمية إلى اعتبارها مدينة موبوءة!!
ووفق أحدث إحصائيات أمانة مدينة جدة فلقد بلغ عدد الاصابات بحمى الضنك خلال شهرين فقط هما محرم وصفر الماضيان (84) إصابة.
وفيما نشرته جريدة «عكاظ» في عددها الصادر في 12 ربيع الآخر 1430هـ اعترف وزير الزراعة بارتفاع حالات الإصابة بحمى الضنك في جدة ومكة المكرمة.. متمنيا ألا يؤدي هذا التزايد إلى وصف العام الحالي بالعام الوبائي مثلما هو الحال قبل ثلاث سنوات حين وصل معدل الاصابات بالمرض إلى (1500) حالة. (انتهى).
والحقيقة هي أن الوضع خطير حيث لا زالت الجهات المعنية لدينا غير قادرة على تحديد أسباب التفشي الوبائي للمرض رغم مرور ثلاث سنوات على ظهوره.. ثبت خلالها عدم جدوي أو فعالية إجراءات القضاء عليه.
بل إن هناك خشية حقيقية من ظهوره بشكل وبائي يدخل المدينة الحالمة إلى الموسوعات الوبائية العالمية من أوسع الأبواب ويتسبب في معاناة الأهالي.
ومن هذا المنطلق فإن من الضرورة بمكان تبني خطة علمية جادة للتصدي للمرض..
والحل العلمي الموضوعي الفعال يتمثل في الاستعانة بمراكز الخبرة العالمية المرموقة مثل كلية طب المناطق الحارة في لندنLSHTM ومركز مراقبة الأمراض في الولايات المتحدة الأمريكية CDC.. لإرسال فرق متخصصة من خبراء عالميين لدراسة خرائط مدينة جدة ووضع الفرضيات المعتمدة على انتشار المرض بالنسبة للوقت والمكان والأشخاص ومراقبة معدلات الإصابة وتحديد مصادر الوباء Epidemic Sources وأخذ عينات من مناطق مختلفة.. ومن ثم النظر فيما إذا كانت هناك حاجة لإجراء مسح وبائي Screening وعمل دراسات معمقة للأسباب وتحليل عوامل الخطورة وطرق الوقاية لضمان عدم تكرار ظهور المرض.
على أن لا يقتصر الأمر على ذلك.. بل يتوجب أن يتضمن آليات محددة تكفل التواصل المستمر بين المختصين المحليين والخبراء العالميين لتحقيق هدف القضاء على المرض.
بهذا نستطيع محاربة حمى الضنك.. أما الإجراءات المتخذة حاليا فلقد أثبتت السنوات الثلاث الماضية عدم قدرتها على القضاء على المرض.. الذي ما أن أنحسر نسبيا حتى عاد مجددا إلى الظهور..
ولا ريب ان نجاح هذا التوجه يتطلب تعاون الجهات المعنية وهي وزارة الصحة ووزارة الزراعة وأمانة مدينه جدة.. على أن يكون تعاونا فعالا مثمرا.. فتبادل التهم وإلقاء المسؤوليات على الآخر لن يجدي نفعا.
حمى الله بلادنا وأهلها من كل شر.