لنبحر معا في منزلة الفراسة التي فصلها لنا العالم القيم ابن القيم في مدارجه .. لقد اشار القرآن الكريم الى هذه الخصلة البشرية في اكثر من موضع كقوله تعالى «ان في ذلك لآيات للمتوسمين» كما ذكر ذلك في الحديث الشريف صراحة «اتقوا فراسة المؤمن فانه ينظر بنور الله».فالفراسة في جوهرها نور يقذفه الله في قلب عبده يفرق به بين الحق والباطل والصادق والكاذب. وقال ابو جعفر الحداد: للفراسة هي اول خاطر يخطر بالنفس بلا معارض له. والفراسة قد تكون بالنظر والعين وقد تكون بالاذن والسمع وقد تكون بالقلب ففراسة العين تكون بالمشاهدة والسيماء والعلامات الظاهرة، وفراسة الاذن تكون للكلام وتصريحه وتعريضه ومنطوقه ومفهومه وفحواه واشارته ولحنه وايمائه ونحو ذلك اما فراسة القلب فتكون بالاستدلال من كل ما هو مشاهد ومسموع الى باطنه وخفيه وما وراء ظاهره من باطن الروح والقلب.
وفراسة الصحابة رضوان الله عليهم كانت اكمل فراسة لانهم كانوا من اكمل البشر ايمانا واولهم كان الصديق رضي الله عنه وبعده عمر بن الخطاب الذي كانت من فراسته ما يتوافق مع ما أراده الله في مواضع كثيرة كما كان في شأن أسرى بدر وغيره.
من الامثلة ايضا فراسة العزيز في يوسف «اكرمي مثواه عسى ان ينفعنا او نتخذه ولدا» وابنة شعيب حين قالت «با ابتِ استأجره إن خير من استأجرت القوي الامين» وامراة فرعون حين قالت «قرة عين لي ولك لا تقتلوه عسى ان ينفعنا او نتخذه ولدا» وكلما اجتمعت اسباب الفراسة كلما كادت ان لا تخطئ ابدا وجماع ذلك في قوة الايمان وجودة ذهن المتفرس وحدة قلبه وحسن فطنته اضافة الى ظهور العلامات والادلة على المتفرَّس فيه.. فكلما اجتمعت هذه الاسباب كلما قويت الفراسة والعكس بالعكس.
جوهر الفراسة
14 يونيو 2006 - 23:55
|
آخر تحديث 14 يونيو 2006 - 23:55
تابع قناة عكاظ على الواتساب
وفاء اسماعيل ختكار