.. في عام 1406هـ أمضيت في القاهرة عاماً كاملاً بمعية صاحب السمو الملكي الأمير تركي بن عبدالعزيز الذي أفضل وخصص لي صالونا لاستقبال أصحاب الاحتياجات الخاصة أو طالبي مكارم سموه، فلقد عرف عن سموه الكرم والحرص على خدمة مصالح قاصديه حتى أن الأخ محمود شاولي وكان يشغل منصب القنصل العام بالقاهرة قال لي ذلك العام: لقد خفف سمو الأمير تركي بوجوده هنا الكثير من المشاكل التي كانت تستقبلها السفارة أو القنصلية حيث يجدون لدى سموه الحل أو المساعدة التي ينشدونها.
وفي الصالون إياه تعود أن يزورني بين الحين والآخر مجموعة من الأدباء والصحفيين المصريين كان في مقدمتهم الأديب الكبير ثروت أباظة- رحمه الله- وقد ارتفق معه ذات مساء اثنين من دكاترة الجامعات المصرية عُرفا باشتغالهما بالأدب والتأليف وقد شملهما كرم سمو الأمير تركي -حفظه الله- فأمسيا يترددان علي يوماً بعد يوم ولا يتخاطبون معي إلا بـ«سعادة الدكتور»، و«يا معالي الدكتور».. وكم حاولت أن أنههما عن ذا، وذا فلم يسمعا.. بل قال لي أحدهم: بإمكانك أن تأخذ الدكتوراه في عام!
قلت: كيف وأنا لا أحمل غير الشهادة الابتدائية؟ فقال الثاني: الثانوية والبكالوريوس أمرهما سهل.. ورسالة الماجستير.. ورسالة الدكتوراه حاضرة! قلت: كيف؟
وهنا تدخل الأديب ثروت أباظة قائلاً: بسيارة مرسيدس للاثنين معاً!
قلت: أشرف لي أن أكون تلميذاً من أن أكون دكتوراً مزيفاً.
تذكرت هذه الواقعة وأنا أقرأ ما نشرته «الاقتصادية» يوم الخميس 12/5/1427هـ بالعدد 4623 عن القبض على أستاذ جامعي يتقاضى مبالغ مالية مقابل نجاح طلابه».
وقد جاء في الخبر: أطاحت الجهات الأمنية في مكة المكرمة بأكاديمي يعمل في جامعة أم القرى تورط في عملية نجاح عدد من الطلاب في المرحلة النهائية في الجامعة مقابل الحصول على مبالغ مالية منهم.
وعلمت «الاقتصادية» أن الأكاديمي وثلاثة من الطلاب تجري الجهات المختصة حالياً التحقيقات معهم بعد أن تم القبض عليهم بالجرم المشهود في عملية تسلم وتسليم المبلغ المتفق عليه.. وعلمت «الاقتصادية» أن الأستاذ الجامعي الذي يعمل في قسم كلية الهندسة ويدرس إحدى المواد الصعبة في الجامعة، تفاوض مع الطلبة في عملية نجاحهم مقابل الحصول على خمسة آلاف ريال من كل طالب ليتجاوزوا الاختبار والحصول على ألفي ريال من كل طالب مقابل الحصول على درجة أعلى لرفع معدله التراكمي.
ويقول مصدر بجامعة أم القرى: إنه لو استدعى الأمر اعادة الاختبار عند أستاذ آخر ستعيده الجامعة.
إنه لأمر عجيب أن يتم القبض على الأستاذ والطلبة بالجرم المشهود، ثم يقول مصدر بالجامعة إنه لو استدعى الأمر فسيتم إعادة اختبار الطلبة في الوقت الذي يجب أن يأخذ القضية المدعي العام وينزل بالطلبة العقاب المناسب وإنهاء عقد الأستاذ إن كان مستقدماً، أو طرده من الجامعة إذا كان سعودياً، ليكونوا عبرة للآخرين، فإن ما قام به الأستاذ تدليس وما أقدم عليه الطلبة غش. والرسول صلى الله عليه وسلم يقول: «من غشنا فليس منّا»، كما يقول عليه الصلاة والسلام في حديث آخر: «لعن الله الراشي والمرتشي والرائش بينهما».. فهل بعد هذا يمكن أن يكون للطلبة الغشاشين مكان بالجامعة أو يكون للأستاذ مقعد مع المدرسين؟
إبعاد المدرس والطلبة من الجامعة
12 يونيو 2006 - 20:26
|
آخر تحديث 12 يونيو 2006 - 20:26
تابع قناة عكاظ على الواتساب