تنشر ما بين حين وآخر في بعض الصحف المحلية ردود لمحامين يجيبون على استفسارات النساء عن حقهن في طلب الطلاق أو خلع الزوج والشروط الواجب توفرها لإمضاء ذلك. وقد أجمعت إجابات المحامين على القول بأن من شروط الخلع توفر أسباب مقنعة وموافقة الزوج وقبوله بالعوض.
في مسألة الطلاق تظهر صورتان متضادتان لحال الرجل وحال المرأة. الرجل بإمكانه أن يطلق زوجته وقت ما يشاء فيقع الطلاق ويتم الفراق، غير معتبر في ذلك رضا الزوجة أو عدم رضاها، كان الطلاق سنياً أو بدعياً، له أسباب مقبولة أو بلا أسباب، التزم الزوج بدفع نفقة العدة أو لم يلتزم، لا شيء يعوق الزوج عن تطليق زوجته متى رغب في ذلك. أما في حال المرأة، فإنها ليس بيدها من أمر نفسها شيء، ومتى رغبت في فراق الزوج لزمها اللجوء إلى المحكمة، وعليها إبداء أسباب (مقنعة) تبرر طلب الطلاق، ومع الأسباب لابد لها من اصطحاب (البينة)، وعندما يتوفر لها تقديم الأسباب المقنعة مصحوبة بالبينة عليها أن لا تتوقع استجابة سريعة لطلبها، فلابد من الانتظار إلى حين إبداء الزوج رأيه في طلبها الطلاق، وانتهاء محاولات الصلح كي لا يتم الطلاق. ومتى أصر الزوج على عدم التطليق وأصرت هي على الفراق، لزمها آنذاك أن تفاوض الزوج على الخلع، فإن كان لئيماً أمكنه أن يماطل ليبتزها في طلب العوض قبل أن يمن عليها بإطلاق سراحها.
هاتان الصورتان المرسومتان لحال الزوجين عند رغبة أحدهما في فراق الآخر تتنافيان مع العدالة التي جاء بها الإسلام، فهما صورتان تخلوان من الإنصاف للمرأة ومراعاة عدم الإضرار بها. وأستغرب من هؤلاء المحامين قولهم باشتراط موافقة الزوج على الخلع وتوفر أسباب مقنعة لذلك. مع أن ابن تيمية رحمه الله في تعريفه للخلع، الذي جاء في (موسوعة فقه السنة، فقه النساء) شرح وتحقيق السيد الجبيلي، لم يشترط وجود أسباب مقنعة لطلب الخلع أو موافقة الزوج عليه كما أنه لم يترك المجال مفتوحاً أمام الزوج ليطالب الزوجة بعوض أكثر من المهر الذي دفعه لها، يقول رحمه الله: «الخلع الذي جاء به الكتاب والسنة أن تكون المرأة كارهة للزوج تريد فراقه فتعطيه الصداق أو بعضه فداء نفسها». فابن تيمية جعل كره الزوجة للزوج كافياً وحده لطلب الخلع، كما نص على أن العوض الذي تعطيه للزوج في مقابل الخلع إعادة (الصداق أو بعضه).
إن في كلام هؤلاء المحامين تضييقاً على النساء وإرغاماً لهن على القبول بعيش شقي مع زوج غير صالح لهن، وكان المتوقع منهم، وهم المحامون، أن يكونوا مدافعين عن الحق والعدل لا مجرد ناقلين لما جرت عليه العادة. فمتى كرهت المرأة معاشرة الزوج لم يعد هناك منفعة في بقائها معه وهي مكرهة، وطالما أنها سترد له مهره الذي دفعه لها، بأي حق ترغم على العيش معه؟
الزواج عقد تراض بين طرفين يستمر قائماً ما دام هناك رضا من الطرفين، ويتوقع أن ينتهي متى انتفى الرضا لدى أحدهما.

ص.ب 86621 الرياض 11622 فاكس 4555382