-A +A
خالد السليمان
في سنوات وعيي الأولى كنت أرى الإنسان ملاكا طاهرا، أرى المثالية في معلم المدرسة وإمام المسجد وشرطي الأمن وطبيب المستشفى وقريب الأسرة وصديق العائلة.. كانت الطفولة البريئة تحيطني بخيال حالم عن حال الدنيا ومثالية سلوكيات البشر، حتى بدأت مع تقدم العمر تتميز المسارات وتتضح الرؤية وتتبدد الضبابية، وبدأت تجارب التعامل مع الآخرين تراكم الخبرة وتشكل الانطباعات الحقيقية وتكون نظرة الحياة ومعرفة الإنسان!

كثير ممن كنت أنظر لهم على أنهم نجوم في سماء التاريخ تغيرت نظرتي لهم مع تعدد مصادر القراءة لحقيقة أدوارهم، وتفتح مدارك العقل لتقييم أعمالهم وتمييز أفكارهم، انخفض عندي منسوب التقديس، وزال حرج النقد، تصدعت الأبراج العالية التي كنت أنزل في قممها بعض الشخصيات التي أثرت بي في طفولتي ومراحل صباي المبكرة!


هل ندمت على إنزال أحد في غير محله المستحق، بكل تأكيد لا فالحقيقة بقدر مرارتها أحيانا إلا أنها أقل من مرارة الخديعة المستمرة، لكنني لا أستطع أن أتخلص من شعور خيبة الأمل والخذلان من أشخاص نظرت لهم يوما بعين المثالية المطلقة، فالجدران المتصدعة عندما تنهار لابد أن تخلف ركاما يسوء النظر وغبارا يخنق النفس!

باختصار.. لا يوجد كمال مطلق في البشر، ولا مثالية خالصة في الحياة!