-A +A
عبدالعزيز الربيعي (مكة المكرمة) florist600@

انطلق صباح اليوم (الخميس) في مكة المكرمة مؤتمر إعلان السلام في أفغانستان تحت رعاية رابطة العالم الإسلامي، الذي يناقش 5 محاور يأتي في مقدمتها الإسلام هو دين السلام والسماحة والاعتدال والمصالحة. بينما يناقش المحور الثاني المنهج الإسلامي في صيانة كرامة الإنسان والحفاظ على حياته. والمحور الثالث بناء السلام في ضوء المبادئ الإسلامية. أما المحور الرابع فيناقش أهمية السلام والأمن الإقليمي. ويناقش المحور الخامس دور العلماء في حل النزاعات الإقليمية ودعم جهود السلام.

أمين رابطة العالم الإسلامي: المملكة ترعى السلام بين الأشقاء

ووصف الشيخ الدكتور محمد العيسى الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي أن رعاية ودعم خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود وولي العهد الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود للمؤتمر أثمرت عن إقامة هذا اللقاء الأخوي التاريخي في رحاب المسجد الحرام (بمكة المكرمة) لإعلان السلام في أفغانستان، وذلك في سياق مؤتمر علماء أفغانستان وباكستان للسلام في أفغانستان تحت مظلة رابطة العالم الإسلامي.

وقال العيسى: هذا الجمع الكريم بإرادته العلمائية القوية والمؤثرة، هو من الشواهد الماثلة على أن الأمة الإسلامية ولادة خير لصالح أبنائها، بل وصالح الإنسانية جمعاء، ولا شك أن اجتماع الإخوة على مائدة العزيمة على الخير والود والمحبة هو الأصل، وهو بحمد الله ما انعقدت عليه همة إخوتنا في هذا اللقاء.

وأضاف في كلمته التي ألقاها: جمهورية باكستان الإسلامية وجمهورية أفغانستان الإسلامية لهما في الوجدان الإسلامي مساحة واسعة يعلمها الجميع، والثقة بهما كبيرة، في جوار خير ومحبة، فضلا عن رابطة الدين.

وأشار إلى أن السلام الأخوي بإيمانه الراسخ وعزيمته الصادقة وعهده المسؤول، وفي رحاب القبلة الجامعة حيث بركة النفحات الربانية وعظمة القدسية، التي جعلت من هذه العزيمة ميثاقا غليظا ينهض به هؤلاء العلماء الربانيون، هذا السلام يعد بحق من أقوى عرى السلام، وأسعدها بالتوفيق والتسديد بعون الله تعالى، وأتت هذه الرعاية الميمونة والدعم الكبير من لدن حكومة المملكة العربية السعودية، امتدادا لعملها الإسلامي الحافل، وصلا لما أخذته على نفسها من النهوض بواجبها، انطلاقا من مسؤوليتها التاريخية المستحقة، حيث شرفها الله تعالى بخدمة الحرمين الشريفين مهوى المسلمين فؤادا وفكرا وأملا. ويبقى أن أشير إلى أن كلمة علماء الإسلام في جمهورية باكستان الإسلامية، وجمهورية أفغانستان الإسلامية، وهم يلتقون في هذه الرحاب الطاهرة، بحادي العلم والإيمان، لكلمتهم مزيد ذمة، ومزيد رسالة في أفق تأثيرها على العامة والخاصة. وأهل العلم والإيمان هم من أصدق من وفى بوعده، واضطلع بمسؤوليته، وهم الأعلم بقول الله تعالى: «ومن أوفى بما عاهد عليه الله، فسيؤتيه أجرا عظيما».

وأفاد العيسى بقوله: لم يبق على أرض أفغانستان ما يمكن أن يحتج به محتج لأي ذريعة كانت، وهنا يعظم دور العلماء وهو الدور المحوري والحاسم، ومع أهميته وعظم تأثيره إلا أن وازع الإيمان لدى علماء الأمة داع إليه، ومن منا يرضى بأن يجعل الله على يديه حقن الدماء، وإصلاح ذات البين، ثم لا يسعى حثيثا لذلك، وها أنتم أيها العلماء الفضلاء على قدر هذه المسؤولية، وقد اجتمعتم لذلك، أجزل الله مثوبتكم، بارك الله في هذا الجمع الضافي الذي نحسبه بعون الله مبارك الابتداء ميمون الانتهاء، سدد عزائمكم، وبلغكم مرادكم في عمر مديد وعمل صالح متقبل مبرور.

وقال: كما أخلص هؤلاء العلماء، وعملوا لهذا السلام، فإنا نسأل المولى جل وعلا أن يبوئهم منازل النور في دار السلام، يوم يلقون ربهم وهم على العهد راسخة أقدامهم، صادقة نياتهم، طيبة أفعالهم، وما أعظم أجر العالم بكلمته الطيبة وعمله المؤثر والفاعل، وقد حقن الله به الدماء، وجمع به الشمل، والله المسؤول أن يجعل أعمالنا نافعة، ولوجهه الكريم خالصة.



مندوب أفغانستان لدى «التعاون الإسلامي»: جادون في البحث حل المشكلة

وأكد السفير والمندوب الدائم لجمهورية أفغانستان الإسلامية لدى منظمة التعاون الإسلامي الدكتور شفيق صميم أن القيادة السعودية وقفت دوما إلى جانب الدول والشعوب الإسلامية المنكوبة، ودافعت عن القضايا الإسلامية العادلة في المحافل الإقليمية والإسلامية والدولية، وقال في كلمته أمام المؤتمر: أتقدم بجزيل الشكر والتقدير والامتنان إلى مقام خادم الحرمين الشريفين وولي العهد، على ما يوليان أفغانستان من عناية واهتمام، والجهود التي بذلتها وتبذلها المملكة في سبيل إعادة الاستقرار وإحلال السلام في أفغانستان. لقد كانت جهود المملكة دوما داعمة ومساندة ومثمرة وموفقة والحمد لله في إيجاد حلول جوهرية للنزاعات في العالم الإسلامي، والتاريخ يشهد بأن القادة السعوديين الكرام وقفوا دوما إلى جانب الدول والشعوب الإسلامية المنكوبة، ودافعوا عن القضايا الإسلامية العادلة في المحافل الإقليمية والإسلامية والدولية، ولها أرشيف مليء في مجال الوساطة الفعالة، ونخص بالذكر جهود القيادة السعودية الحكيمة في حل النزاع بين الفرقاء الأفغان عبر التاريخ.

وتابع: نثمن عاليا رعاية الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي الشيخ محمـد بن عبدالكريم العيسى، ورئيس مجلس إدارة هيئة علماء المسلمين لهذا الملتقى المبارك والجهود الحثيثة التي يبذلها في التقارب الإسلامي عامة وفي تنظيم هذا المؤتمر خاصة، الذي يشارك فيه نخبة من علماء وحكماء المسلمين من باكستان وأفغانستان برعاية سعودية كريمة تحت مظلة رابطة العالم الإسلامي.

وأضاف: كما تعلمون وتتابعون من كثب فإن أفغانستان ذاقت ولاتزال تذوق مرارة الحروب وتواجه حربا شرسة منذ أربعة عقود، ومرت عليها أحداث ومعارك احترق ويحترق في لهيبها أطفالنا ونساؤنا وعلماؤنا ورجالات من قواتنا المسلحة الباسلة، ومن المعلوم أن الحرب لا تأتي بخير وإنما تهلك الحرث والنسل، فالحرب الدائرة في أفغانستان تسببت -بلا شك- في توسيع الفجوة بين الحكومة والمعارضة من جهة وبين جمهورية أفغانستان الإسلامية وجارتها جمهورية باكستان الإسلامية، لكن بالرغم من كل هذه المشكلات والقلاقل فإن الشعب الأفغاني تمسك بالثوابت الإسلامية والأعراف والتقاليد الأفغانية الأصيلة والروابط الأخوية مع الدول والشعوب الإسلامية طوال فترة الحروب، ولقد أثبت التاريخ بأن القادة الأفغان كانوا ولا يزالون يكنون الاحترام الخاص للدول والشعوب الإسلامية وينظرون إلى جهود الوساطة الإسلامية التي تقوم بها دول إسلامية نظرة إجلال واحترام، خصوصا المملكة العربية السعودية الشقيقة.

وأفاد بقوله: إننا نعتبر اجتماعـنا اليوم بين علماء باکستان وأفغانستان، محاولة جادة في البحث عن الطرق الكفيلة لحل المشكلة الأفغانية عن طريق الحوار البناء والوساطة الفعالة، وإيجاد حل عادل وشامل ووضع نقطة النهاية للحرب الدائرة. نحن ننظر إلى اتحاد علماء باکستان وأفغانستان وجهود الطرفين لتأمین الصلح في أفغانستان نظرة تفاؤل وبشارة خير، ستدعم جهود السلام الجارية، ونتوقع من هذا الجمع الكريم كل خير من هذا الاجتماع المبارك، ونعتقد أنه سيساعد في إيجاد قنوات للتواصل ومد جسور الثقة بين باكستان وأفغانستان، وتوطيد العلاقات القائمة على الاحترام المتبادل بين البلدين الشقيقين، والسعي سويا إلى تقوية اللحمة الإسلامية، وتعميق أواصر التآخي والتآلف بين الشعبين المسلمين الأفغاني والباكستاني، ونبذ خطاب العداء والفرقة والكراهية، ونأمل أن يحقق هذا الملتقى المبارك أهدافه المرجوة، حيث نطلب من الجميع أن يؤدوا دورا فعالا وملموسا في هذه المرحلة الراهنة على الساحة الأفغانية، كي نكون قد قدمنا خدمة مشتركة في إيصال السفينة الأفغانية إلى بر الأمان.



السفير الأفغاني: المملكة تقف بجانب العالم الإسلامي والعربي لوقف النزاع

من جهته، أكد سفير دولة أفغانستان لدى المملكة أحمد جاويد مجدد، أن جهود المملكة ساهمت في الحفاظ على العالم الإسلامي والعربي، وقال: أتقدم بأسمى آيات الشكر والامتنان لمقام خادم الحرمين الرشيفين وولي العهد، وحكومة المملكة العربية السعودية الشقيقة على جهودهم المثمرة وخصوصا عملية المصالحة والسلم في أفغانستان التي عانت كثيرا من ويل الحروب.

وتابع: لم تبخل المملكة العربية السعودية يوماً بأي مسعى أو جهد يُثمر عنه السلم والوئام بين الأطراف المتنازعة وإنهاء الحرب وإيقاف سفك الدماء، وإن مؤتمر «إعلان السلام في أفغانستان» اليوم في أقدس بقاع المعمورة مكة المكرمة بحضور العلماء من جمهورية أفغانستان الإسلامية وجمهورية باكستان الإسلامية تحت مظلة رابطة العالم الإسلامي ورعاية المملكة العربية السعودية له يعتبر من أهم الخطوات نحو السلم والاستقرار في أفغانستان بعون الله.

وأضاف: مما لا شك فيه أن الشعب الأفغاني ينظر إلى المملكة العربية السعودية كالأخ الشقيق والصديق الوفي، فهي دائما ما تساهم في سبيل تحقيق الأمن والسلم لأفغانستان وشعبها، ونرجو من الله أن تؤدي هذه المبادرة إلى إيقاف الحرب، والتخلص من ويل الحروب المستمرة منذ أكثر من أربعة عقود.

واستطرد: إننا في أفغانستان نرحب بانعقاد هذا المؤتمر ونبارك لكل محبي السلام والاستقرار، هذا الحدث الإسلامي البارز، بمساهمة من حكومة خادم الحرمين الشريفين ومواقفها الثابتة تجاه قضايا العالم الإسلامي، وريادتها المعنوية ودعمها المتواصل للعمل الإسلامي، ومن ذلك عقد مؤتمر علماء المسلمين تحت مظلة منظمة التعاون الإسلامي عام 2018 في مكة المكرمة وما صدر عنه من مجموعة قرارات منها أن أفغانستان دولة إسلامية أهلها مسلمون معصومو الدم، متطلعون للسلم والأمن، وأن ما يجري فيها من قتل للأبرياء، ينافي مبادئ الإسلام وثوابته، ويناقض مبادئ الوحدة والتضامن.

وأشار إلى أن الرئيس الأفغاني يعتبر أن التوصل للسلام الدائم واجب وطني، والحكومة الأفغانية تبذل كل جهودها لأجل التوصل إليه، وذلك يحتاج إلى تحكيم صوت العقل والابتعاد عن العنف، وبحسب رؤية رئيس الجمهورية فإن السلام والاستقرار في أفغانستان هو سلام واستقرار وتنمية لكل المنطقة. وأفغانستان خلال عقدين من الزمن واجهت كل التحديات، ولا شك أن استمرار الحرب فيها لن تنحصر تداعياته في أفغانستان فقط، بل ستتجاوزها إلى باقي دول المنطقة والعالم.